في عالم الأدب
في عالم الأدب
ما الأدب؟ في العصور الإسلامية الأولى استُعمِلت كلمة (الأدب) للدلالة على الكلام الجيد نظمًا كان أو نثرًا وكل ما له صلة بالكلام الجيد وفي كل ما من شأنه التثقيف والتهذيب والعلم والمعرفة، وكان لفظ الأديب مرادفًا للفظ المثقَّف بمعناه الآن، وهذا العموم لمفهوم الأدب يُلحظ مثله في بعض اللغات الأوروبية الحديثة أيضًا، وهذا ما يمكن أن نسميه المعنى العام للأدب أو بالأحرى الإنتاج العقلي الذي يصوَّر في الكلام ويُكتب في الكتب سواء أحدث في النفس لذَّة فنية أم لا، أما الأدب بمعناه الخاص فشيء آخر، فهو الكلام الجيد الذي يُحدث في نفس القارئ أو السامع لذةً فنية، شعرًا كان أو نثرًا.
والأدب شأنه شأن غيره من مظاهر الحياة الإنسانية؛ يتأثر بعوامل عدة نعرف منها ما يؤهلنا لفهم الأدب وتذوُّقه، ويرى المؤلفون أن الاستعداد الفطري للأمة هو أهم ما يصنع أدبها، فالأمة التي تأصَّلت فيها دقَّة الشعور والحس وتفاعلت مع الطبيعة يكون شعرها ونثرها صورةً لهذه الطباع، وقد أتيح ذلك للأمة العربية فامتاز شعرها ثم تطوَّر نثرها مع قيام الحضارة العربية، وأتيح أيضًا للأمة اليونانية بامتياز، وهناك أمم لم تنَل من ذلك حظًّا وافرًا كالأمة الرومانية، كانت وسطًا في ذلك على الرغم من تفوُّقها في السياسة والحرب والنظم، ومن العوامل الأخرى التي تحدث في الأدب فروقًا شتى: طبيعة وجغرافية الإقليم الذي يعيش فيه الشعب، وأيضًا رقي الأمم وانتقالها من حال إلى حال كتحضُّر البدو مثلًا، وكذلك يؤثِّر في جو الأدب وجمهوره انتشار العلوم، وكذا الدين والحياة السياسية واتصال الشعوب بعضها ببعض.
الفكرة من كتاب التوجيه الأدبي
من اليسير علينا أن نقرأ عملًا أدبيًّا خالصًا، ولكن الأعمال الأدبية لا تقدِّم لنا تعريفًا لما هو الأدب، ولا تُعرِّفنا بتاريخه وعوامل نشأته ومراحل تطوُّره، فما الأدب؟ وما موضوعاته؟ وما علاقته بالعلوم الأخرى كالفلسفة والتاريخ؟ وبمَ يتأثَّر الأدب وفيمَ يؤثِّر؟ وكيف اتصلت الآداب بعضها ببعض؟ يُعد “التوجيه الأدبي” مدخلًا للإجابة على كل هذه التساؤلات ووجبة معرفية في الأدب والدراسات الأدبية، ومادة ثرية للمثقف العربي وطالب الأدب على حدٍّ سواء.
مؤلف كتاب التوجيه الأدبي
طه حسين: أديب ومفكر وناقد مصري، وُلد في نوفمبر ١٨٨٩م وحصل على درجة الدكتوراه عام ١٩١٤م، ومن آثاره: “الأيام”، و”مرآة الإسلام”، و”حديث الأربعاء”، و”قادة الفكر”، و”دعاء الكروان”.
أحمد أمين: أديب مفكر ومؤرخ، وُلد بالقاهرة 1886م، وعمِل عميدًا لكلية الآداب بجامعة القاهرة، ومن أشهر مؤلفاته: “فجر الإسلام”، و”فيض الخاطر”، وترجم كتاب “مبادئ الفلسفة” لرابوبرت.
عبد الوهاب عزام: أديب ودبلوماسي مفكِّر، جمع بين ثقافته الإسلامية والعربية ومعرفته باللغات الفارسية والتركية والأُردية، ودافع عن العربية وتراثها، وكان ميلاده سنة ١٨٩٤م لأسرة مناضلة ضد الاحتلال الإنجليزي، وحصل على شهادة الليسانس في الآداب والفلسفة عام ١٩٢٣م وتولَّى عمادة كلية الآداب، ومن مؤلفاته: “الشوارد”.
محمد عوض محمد: عالم جغرافي وأديب، نال جائزة الدولة للعلوم الاجتماعية عام ١٩٥٢م، وعمل مديرًا لجامعة الإسكندرية، ومن كتبه: “بين الشرق والغرب”، و”فن المقالة الأدبية”، وترجم بعض أعمال شكسبير.