في سبيل النفط
في سبيل النفط
يمكننا القول بأن رؤية الغرب للعالم العربي لم تختلف منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، لقد نُظر إليهم بوصفهم كائنات أقل شأنًا من الأوربيين، لا يفهمون ما بأيديهم، ولا يستحقون حتى حربًا شريفة، طُوردوا كالحيوانات، أُبيدت قبائل كاملة بالغازات السامة في الجزائر، وفي ليبيا لم يبال الإيطاليون بالمقاتلين أو المدنيين، وقُتل الجميع بغاز الفوسجين، وقابل الاحتلال الإنجليزي ثورة العراقيين بالقصف الكيماوي الشامل، كانت حروبًا مقدسة، رأى فيها هؤلاء الصليبيون الجدد أنفسهم يحققون مشيئة الله، ويُسخرون بقية الشعوب للحضارة الأعظم، اقتدت الدول الأوروبية بالتجربة الأمريكية في إبادة الشعوب الأصلية، ولم يجد العرق الأسمى أي ضرر في مليوني قتيل بالجزائر، ومليون آخر في العراق، لم يهدد هؤلاء الضحايا أحدًا في أوروبا أو غيرها، لم يهاجموا أمريكا ولا أبراجها، لكن المؤكد أن ذويهم سيفعلون.
لقد احتكر الأوروبيون العنف وحمامات الدم في العصر الحديث، وكانت الحقبة الاستعمارية الحديثة وبالًا على العالم كله؛ دمر فيها الغرب ونهب على راحته، لكن هذا الطغيان استمر في الشرق الأوسط إلى أيامنا هذه، إنها لعنة النفط، حتى بعد الخضوع التام للاستعمار، ووجود الموالين له والضامنين لمصالحه في مناطق النفوذ، لم يترك الغربيون خيوط الدمى، ربما يكون لهذه الشعوب حق في تحديد مصيرها، لكن فقط عندما لا يتعارض هذا مع مصالح الغرب، كانت ألقاب الأخيار والأشرار تتحدد على هذا الأساس، لقد تحول صدام من صديق وحليف للولايات المتحدة وممثل لها في حرب الخليج الأولى ضد إيران، إلى إرهابي وحائز لأسلحة دمار شامل، وكان ديكتاتورًا وقاتلًا في الحالتين، وعليه فماذا نفهم عندما تدعي الدول الغربية سعيها إلى السلام والديموقراطية في بلاد الشرق الأوسط، ولا نرى من آثار هذا السعي سوى الشعوب المُبادة، والمدن المُدمرة، إنهم لم يسعوا مطلقًا لسوى النفط.
الفكرة من كتاب لماذا تقتل يا زيد؟ قصّة حقيقة للمُقاومة العراقية
كان احتلال العراق عام 2003م، صدمة أليمة لجميع الباحثين عن العدالة حول العالم، لقد انتهك المعقل الحر ومبشر الديمقراطية جميع القوانين التي سنت وسوف تسن، وسُمي ضحايا العراق من المدنيين أضرارًا وخسائر جانبية، ثم أدت ترسانة الإعلام الغربية دورها المعتاد، الذي لم يكتفِ باللا شيء هذه المرة، لكنه قال ما شاء له البنتاجون.
من خلال قصة زيد ورفاقه في المقاومة العراقية، يقدم لنا يورجن تودينهوفر توثيقًا مضادًّا للرواية الرسمية، إذ يتبدل موضع الإرهابي والضحية، ونرى وجه المستعمر القديم الذي لم تتغير أهدافه كثيرًا، ويفسح مكانًا لقصة الطرف الآخر، نسمع مباشرة من الذين يناضلون من أجل تحرر شعبهم، إنها حكاية من حكايات معذبي الأرض.
مؤلف كتاب لماذا تقتل يا زيد؟ قصّة حقيقة للمُقاومة العراقية
يورجن تودينهوفر: كاتب سياسي وصحفي، وعضو بالبرلمان الألماني، وُلد بألمانيا عام 1940م، درس القانون في جامعات ميونخ وباريس، وبدأ عمله السياسي عضوًا في حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، سافر إلى أفغانستان في أثناء الاحتلال السوفييتي، وعمل على جمع التبرعات لضحايا الحرب، كما كان من أبرز المنددين بحروب الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، من مؤلفاته:
من يبكي على عبدول وتانيا؟
أندي ومروة: طفلان جمعتهما الحرب.
عن المترجم:
حارس فهمي سليم: وُلد في محافظة سوهاج في مصر، حاصل على الدكتوراه في علوم الترجمة من جامعة الروم في ألمانيا، يعمل مدرسًا في قسم اللغة الألمانية في كلية الترجمة بجامعة الأزهر، شارك في ترجمة كتاب “أحلام الخليفة” من تأليف المستشرقة الألمانية آني ماريا شمل.