في خلافة عمر (رضي الله عنه)
في خلافة عمر (رضي الله عنه)
ثم كانت خلافة أبي بكر (رضي الله عنه) التي مرَّت سريعًا، وكان حذيفة فيها كعادته بعيدًا عن الأضواء، جنديًّا باسلًا في جيوش المسلمين يحارب المرتدين، ثم تولى عمر بن الخطاب الخلافة، ليعود حذيفة إلى الظهور على الساحة مرة أخرى مع قرب اندلاع الفتن، وكان عمر يُقدِّر حذيفة ويُقرِّبه ويستشيره، وكان حذيفة كذلك حريصًا على معاوتنه، فكان يمنعه من الصلاة على المنافقين لعلمه بهم، وكان عمر يسأله ويكرِّر سؤاله إن كان منهم، وحذيفة يصبر على تكراره كما صبر رسول الله (ﷺ) عليه، ويجيبه بالنفي وأنه لا يُبرِّئ أحدًا بعده، ولكن ما الذي يدفع عمر لتكرار السؤال؟ ربما كان يُفكِّر أنه رغم معرفة الآيات التي بيَّنت صفات المنافقين وأعمالهم لم يعرف بعضهم إلا بتنبيه حذيفة فما يدريه أنه وقع في ذلك مثلهم وهو لا يدري!
وكان عمر يسأل حذيفة عن الفتن، ومرة رد عليه: “ما لكَ ولَها يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ؟ إنَّ بيْنَكَ وبيْنَها بابًا مُغْلَقًا”، فرد عمر: “أفَيُكْسَرُ البابُ أمْ يُفْتَحُ؟” فرد: “لا، بَلْ يُكْسَرُ”، فقالَ عمر: “ذلكَ أحْرَى أنْ لا يُغْلَقَ أبَدًا”، وكان عمر يعلم أنه الباب، وربما سأل لأنه نسي أو ليعرف مآله أيكسر أم يُفتح.
ثم خرج حذيفة مع جيوش المسلمين إلى القادسية وعمره يناهز الخمسين، ثم إلى المدائن، وبعدها موقعة جلولاء، ثم ذهب حذيفة مع سلمان الفارسي بأمر عمر بحثًا عن مكان ملائم لجيش المسلمين بعدما أثَّر اختلاف المناخ في أجسادهم، فهداهما الله إلى الكوفة، ثم حمل بشرى فتح الشام إلى عمر، ثم شارك في معركة فتح الفتوح ضد الفرس نائبًا للقيادة العامة، وغيرها من المعارك، ثم ولَّاه عمر على ما سقت دجلة يجمع خراجه، وكانت حياته بين الجهاد والدعوة إلى الله وتعليم الناس.
الفكرة من كتاب حذيفة بن اليمان في ظلال التربية النبوية
نعيش مع الكتاب سيرة الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان (رضي الله عنه)، ونراه مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم): كيف يعلمه ويربيه، ثم نرى كيف عمِل بعلمه وكيف واجه الفتن.
مؤلف كتاب حذيفة بن اليمان في ظلال التربية النبوية
محمد حشمت: باحث دكتوراه وكاتبٌ ومحاضر، حصل على ليسانس اللغة العربية والعلوم الإسلامية من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، ثم حصل على ماجستير العقيدة الإسلامية من كلية العلوم الإسلامية بجامعة ميديو في ماليزيا.
من مؤلفاته: “نظرية الدين والتديُّن: الفهم والوهم”، و”الخلاصة في علم مصطلح الحديث”، وسلسلة “في ظلال التربية النبوية” التي تضم الكتاب الذي بين أيدينا وكتبًا عن صحابة آخرين منهم “خوَّات” و”كعب بن مالك” و”الرميصاء” (رضي الله عنهم جميعًا).