في انتظار الجائزة
في انتظار الجائزة
الأجر هو المقابل، وفي ثقافتنا التي نشأنا عليها، لا يمكن للواحد منّا أن يشعر بالإنجاز حقًّا إلا مع وجود مقابلٍ لكل عملٍ يقوم به، وهو بلا شك الدافع الأول وراء الاستمرارية فيه، ولكن وعلى ذكر “وهم الإنجاز” فقد يرتبط بدوره أيضًا بالحصول على الأجر، وذلك بعدةِ أشكالٍ نراها بشكلٍ كبيرٍ في عصرنا هذا، كالرسائل الوعظية التي تُرسل إلينا غالبًا بشكلٍ دوري على “الواتساب” أو على حساباتنا على مواقع التواصل بشكلٍ عام، فهذا أقرب مثالٍ يُوهم صاحبه بأنه أنجز ما لا يستطيع أحد أن يصل إلى درجته من الأجر، ولا يكلف نفسه عناء البحث عن مصدر ما يشاركه، وهل هو صحيح أم خطأ؟ المهم هو المشاركة والإحساس بالإنجاز فقط.
ومع سهولة استخدام هذه التطبيقات للعامة وقلة تكلفتها، تظهر بعض التصرفات المُتكررة غير الواعية، وهذا ما يُمكن تسميته بـ”العقل الجمعي” أي جميع الناس أو أغلبهم يقومون بفعلٍ ما، هذا العقل الذي ينشأ عنه سلوك تحكمه العاطفة في المقام الأول، دون موازنة بين الأهم فالمُهم، كالرغبة في تحصيل أجر إفطار صائم وتوزيع الوجبات مثلًا، ولا يهم إذا كان هذا الصائم محتاجًا فعلًا للطعام الذي يقدم له أم لا، المهم في ذلك هو المسمى “إفطار صائم”، ولا يُفهم من ذلك تقليل الأجر، ولكن المُراد أنه قد تكون هذه الوجبات لبعض الناس أولى وأحوج، فمتى كان انشغال المرء بأعمالٍ لا يدري إن كانت ذات نفعٍ حقيقي أم لا، فقد أوقع نفسه في فخ وهم إنجازٍ لم يحققه.
الفكرة من كتاب وهم الإنجاز: كيف يتحرك العامة وماذا يحفزّهم؟
شروعك في قراءة هذه الأسطر الآن دليل مبين على أن أمر الإنجاز يشغلك، فمن منّا لا يريد أن يكون منجزًا في حياته؟ ولكن، هل فكرنا يومًا هل ما يشغلنا بالفعل الإنجاز في ذاته أم مجرد الشعور بالإنجاز؟
لا تخفى علينا جميعًا حقيقة أننا البشر نميلُ بطبيعتنا إلى كسب أكبر قدرٍ ممكنٍ من كل ما نريد، دون رغبةٍ حقيقةٍ منّا ببذل مجهودٍ يذكر في سبيل ذلك، فنبحث عن أسهل الطرق لأداء كل شيء، ونُخلّد إنجازاتنا الماضية ونعيش على أثرها دون رغبةٍ في إنجاز المزيد. يتناول الكاتب مسألةً أسماها “وهم الإنجاز”، وهي تعادل في نظره مجرد الشعور بالإنجاز، وليس العمل الحقيقي الملموس واقعيًّا، يعرض لنا القضية ويفصلها في جزأين من الكتاب، ويحاول في الجزأين الآخرين أن يعالجها، لعلّنا نصلُ بصحبته إلى نقطة انطلاقٍ تغيّر مِنّا وفينا إلى الأفضل.
مؤلف كتاب وهم الإنجاز: كيف يتحرك العامة وماذا يحفزّهم؟
أحمد مُشرف: مدّون ومؤلف سعودي معاصر، بلده الأصلي المدينة المنورة، وإقامته الحالية بمدينة جدة، مؤسس شركة “توثيق” المتخصصة بتوثيق الخبرات والتجارب، يهتم بالكتابة عن سيكولوجية الإنسان، وعن الفن والفنانين، له مدونة إلكترونية تحمل اسم amoshrif.com.
من مؤلفاته:
ثورة الفن: كيف يعمل الفنان وكيف يعمل الآخرون؟
مدوان: عن العمل والفن وسيكولوجيا الإنسان.
مئة تحت الصفر: عمار أحمد شطا.. تحولاته ودروسه وعن مستقبل الأجيال.