في العراق القديم
في العراق القديم
عاش السومريون في بابل في القرن الأربعين قبل الميلاد تقريبًا، وكان الطب عندهم مبنيًّا على السحر في البداية، واعتبروا فيه الدم عنصرًا أساسيًّا تتركز فيه وظائف الحياة، يليه في الأهمية النار والماء. ثم ورث الآشوريون والبابليون الحضارة السومرية في القرن العشرين قبل الميلاد، وكان الطب عندهم في أيدي الكهنة ثم تمايزت مهنة الطبيب عن الكاهن شيئًا فشيئًا. ونجد في قانون حمورابي، وهو ملك حكم بابل في عام 1100 قبل الميلاد تقريبًا واشتهر بعدله، ذكرًا للأطباء والرسوم التي ينبغي أن تُدفع لهم، والغرامات الواجبة عليهم عند موت المرضى بسبب سوء العلاج، وتحديدًا للأمراض التي تفسخ عقد شراء العبد، كما عُثر على كثيرٍ من الوثائق الطبية البابلية والآشورية منقوشة على الألواح الطينية بالخط المسماري، منها مجموعة تتمثل في قوائم للأعشاب الطبية والأمراض التي تُستَعمل في علاجها وطريقة استعمالها، ومجموعة تحتوي على وصفاتٍ علاجية مرتبة وفق الأعضاء المريضة أو وفق نوع المرض، مثل أمراض الشلل أو أمراض النساء وبعضها تحدث عن آثار السحر، ومجموعة أخرى تناقش تشخيص الأمراض والتبؤ بسيرها وتطورها، ولا يُذكر فيها وصف للعلاجات غالبًا.
وحين نتعامل مع الطب البابلي وما استُعمل فيه من نباتات وأحجار وغيرها في تلك الفرماكوبيا الطبيعية، نجد صعوبةً في فصل ما كان لأغراض سحرية بحتة، إذ يرى كثير من العلماء أن هناك من المواد الغريبة الكريهة المستعملة في الأدوية ما كان غرضه فقط إبعاد الشياطين، مثل البول أو العظام أو قشر البيض أو دم العصافير، ومع ذلك ففيها عناصر كيميائية نافعة، وكثير من أسماء المواد لا تشير إلى ما تعنيه حرفيًّا، فالعظام الآدمي يقصد به صمغ الحلتيت asafoetida، وشحم الأسد كناية عن الأفيون.
ومن الأدوية المذكورة في النصوص البابلية: السكران hyoscyamus، والمر myrrh، والزيتون، وقشر الرمان، وبذر الكتان، والنعناع، والخروع، والزعتر، والزعفران، والخردل، والخشخاش، والقنب.
الفكرة من كتاب بتاريخ الصيدلة والعقاقير.. في العهد القديم والعصر الوسيط
ما الصيدلة؟ وكيف بدأت حكاياتها؟ كيف كانت في الحضارات القديمة في مصر والعراق؟ وكيف كانت عند اليونان، وعند العرب والمسلمين؟
يأخذنا الكتاب في جولةٍ تاريخيةٍ نجيب فيها عن هذه الأسئلة ونتعرف بعضًا من أعلام الصيدلة والطب في عصور وأزمنة مختلفة، وعددًا من الأدوية والعقاقير التي جرى استعمالها منذ زمن بعيد، والتي يستعمل بعضها إلى يومنا هذا.
مؤلف كتاب بتاريخ الصيدلة والعقاقير.. في العهد القديم والعصر الوسيط
جورج شحاته قنواتي، مفكر وراهب مصري، ولد بالإسكندرية عام 1905م، ودرس الصيدلة بجامعة اليسوعيين في بيروت والكيمياء في جامعة ليون بفرنسا، ومارس الطب والكيمياء لسنوات في مصر. ثم حصل على الدكتوراه في الفلسفة واللاهوت من جامعة الدومنيكان بفرنسا وبلجيكا، وعاد إلى مصر ليعمل بدير الآباء الدومنيكان. كان عضوًا في كثيرٍ من اللجان العلمية ومحاضِرًا في جامعات عربية وأوروبية، وكان مهتمًّا بالسلام وحوار الأديان. وتوفي عام 1994م.
من كتاباته: «مُؤلَّفات ابنِ سينا»، و«مُؤلَّفات ابنِ رُشْد»، و«المسيحيون في مِصر»، و«المَسيحيَّة والحضارة العربيَّة»، و«تاريخ الصيدلةِ والعقاقيرِ عندَ العرب».