في الجامعة
في الجامعة
كان “عبد المحسن” متخصصًا في الكيمياء الحيوية، وكان هدف رحلته أن يدرس الماجستير والدكتوراه في هذا التخصُّص، فدرس بجد، واستحالت برودة الليالي الشاتية الطويلة إلى دفء باجتهاده ومثابرته ودعم أحبته.
ولم يكن “عبد المحسن” منعزلًا عن الحياة الاجتماعية والأنشطة الطلابية في الجامعة، وإنما كان مشاركًا ومبادرًا أيضًا، في محاولة لدفعِ ما يجده من أمور تهدد عقيدته وعقيدة زملائه، ونذكرُ من مواقفِه ما كان منه مع الدكتور بهاء حنَّا -وهو عربي مسيحي- الذي ألقى محاضرة يسخر فيها من الشريعة الإسلامية، وعن الجريمة والعقاب فيها ويتهمها بما ليس فيها، فصرَّح “عبد المحسن” بأن المحاضرة لم تعجبه.
وانطلق “عبد المحسن” إلى إدارة الكلية يطلب منها إتاحة فرصة لمحاضرة تعرض وجهة نظر مغايرة، فوافقت إدارة الكلية، لكنها بذلك وضعت صاحبنا في تحدٍّ ليبحث عن شخص مناسب يُلقي المحاضرة، ظنَّ “عبد المحسن” أن الأمر سهل في البداية، لكنه كلما اتصل بأحد الدعاة الذين يعرفهم أو الأصدقاء الذين يتوسم فيهم خيرًا وجده مشغولًا أو غير قادر على المشاركة، لذا بدا أنه سيضطر إلى إلقاء المحاضرة بنفسه! كيف يفعل ذلك وهو غير متخصص؟ أنقذه اقتراح من زوجته “أمل”، بأن يكون حديثه من وحي المواقف الواقعية لا من خلال التاريخ والكتب، وهذا ما كان بالفعل.
ففي المحاضرة، حكى “عبد المحسن” عن شعوره بالأمن في بلاده، حيث كان يفتح الباب إذا طرقه أحدهم في منتصف الليل دون شكوك كبيرة، وكان الناس يسهرون في الخلاء يستمتعون بهواء الصحراء الليلي البارد دون أن يخشى أحد منهم العودة إلى بيته وحيدًا بعدها، وحدَّثهم كذلك عن العقوبات العادلة في شريعة الإسلام، التي من شأنها أن تردع مرتكبي الجرائم، مثل عقوبة الإعدام للقاتل، وكذلك قطع يد السارق.
لم يظن صاحبنا في البداية أنه سينجح، لكن حديثه نال إعجاب الحاضرين بالفعل ودوى تصفيقهم، لقد فاز في التحدي، وانسحب الدكتور بهاء -الذي أتى ظانًّا أنه سيشمت كما يحب- فور انتهاء المحاضرة؛ وكان انتصارًا لذيذًا.
الفكرة من كتاب دفء الليالي الشاتية
في الغربة، يواجه الناس تحديات مختلفة تُختبر فيها قيمهم ومبادئهم، وفي هذه الرواية التي كُتبت عام 2002 يوجِّه الكاتب بعض الرسائل إلى الشباب الذين يواجهون تحديات الغربة من خلال مواقف ويوميات الشاب السعودي “عبد المحسن” الذي سافر مع أسرته الصغيرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية مبتعثًا للدراسات العليا.
مؤلف كتاب دفء الليالي الشاتية
عبد الله بن صالح العريني: أستاذ جامعي وكاتب وباحث سعودي، ولد في الرياض عام 1954، يعمل أستاذ دراسات عليا في قسم البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي في كلية اللغة العربية بجامعة الإمام، وهو عضو الجمعية العلمية السعودية للغة العربية، وعضو في رابطة الأدب الإسلامي العالمية أيضًا.
له العديد من الأعمال الروائية والقصصية منها: “مهما غلا الثمن” و”أشياؤهم الصغيرة” و”النار الباردة.. قصة إبراهيم (عليه السلام)” و”حدائق الصبر.. قصة أيوب (عليه السلام)” و”السفينة والطوفان.. قصة سيدنا نوح (عليه السلام)” و”صلاة في بطن الحوت.. قصة يونس (عليه السلام)”، وأعمال أخرى مثل: “الاتجاه الإسلامي في أعمال نجيب الكيلاني القصصية” و”شعر جهاد الروم في موازين النقد الأدبي” و”أدر حياتك.. قبل أن تديرك الحياة”.