في الجامعة
في الجامعة
كانت الجامعة التي درس فيها هي اللغة العربية بالقاهرة، وكان أول مشهد رآه فيها هو مناقشة علمية لرسالة في كلية أصول الدين، وقد كان لهذه المناقشة كبير الأثر في نفسه جعلته فيما بعد حريصًا على شهود ما يستطيع من الرسائل الجامعية بالأزهر وخارجه ليشارك فيما بعد بنفسه في مناقشة عشرات الرسائل.
وقد كان للجامعة الأزهرية عميدٌ كبير المقام من عادته زيارته الأساتذة في المحاضرات ومناقشتهم هم والطلبة، وهذا ما تغيَّر لاحقًا، فلم يعد أحدٌ يهتم بما يشرح للطلاب، وكان الأساتذة يأخذون رأيه في كتاباتهم كما فعل الأستاذ محمود رزق سليم الذي ألَّف موسوعة أدبية عن العصر المملوكي تقع في ثمانية أجزاء وطلب منه أن يبدي رأيه فيها في مجلة الرسالة، أو كانوا يطلبون منه مراجعة القصائد وإصلاح ما فيها كما فعل الشيخ شبل يحيى.
وعقب الانتهاء من الدراسة فيها انتقل إلى معهد التربية العالي بالإسكندرية الذي كان مختلفًا عن الجامعة الأزهرية فأساتذته من دارسي الجامعات الأوروبية لا يقبلون النقاش في محاضراتهم كأنهم يلقون المحاضرات في المذياع بخلاف أساتذة الأزهر الذين كانوا يقبلون النقاش مهما طال والذي من دونه يفقد الدرس العلمي أقوى دعائمه إلا أنه كان فيهم قامات كبيرة كالدكتور أحمد عزت راجح الذي ارتقى بعلم النفس إلى مستوى رفيع من الشرح لتمكُّنه من مادته وأسلوبه الأدبي وحسن خلقه من سعة الصدر والصبر على النقاش، وهو وحده الذي كان يسمح بهذا ووحده الذي حاز تقدير طلبته من أساتذة المعهد، وكان غيره لا يستطيع الشرح بالعربية، بل يستخدم العامية الركيكة والمعروف أنها ليست لغة العلم، بالإضافة إلى تشجيعه للطلبة ماديًّا أو معنويًّا.
وكان اتحاد الطلاب بالمعهد يقيم محاضرة أدبية وعلمية كل شهر يدعو لها كبار المفكرين من القاهرة وغيرها واختاروا في مرة الأستاذ الدكتور محمد يوسف موسى الأستاذ بكلية الحقوق، وكان من العادة أن يقدم الضيف أحد الأساتذة لكنهم اعتذروا؛ لأن الاتحاد هو الذي اختاره وهم لا يعرفون عنه غير وظيفته الجامعية، إلا أن الكاتب قام بهذا على أفضل ما يكون نظرًا إلى سعة اطلاعه.
الفكرة من كتاب ظلال من حياتي
كان الدكتور محمد رجب البيومي – رحمه الله – صورة واقعية للمثقف المعتز بتراثه، فقد حقق توازنًا كبيرًا بين دراسته الأكاديمية في الأزهر الشريف، وما أنتجه من شعر وقصة ودراسات أدبية؛ فقد كان واحدًا من جيل الرواد الذين أثروا الحياة الأدبية المعاصرة بالعديد من إبداعاتهم ومؤلفاتهم..
هذه سيرة ذاتية كتبها المؤلف عن نفسه، وذكر فيها أحداث حياته منذ أن كان طفلًا وحتى صار كهلًا، ذاكرًا فيها أحوال عائلته وتعليمه وأصدقائه ومن أثر فيه من الكتاب والشعراء، وكيف استفاد منهم.
مؤلف كتاب ظلال من حياتي
محمد رجب البيومي: عميد كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بالمنصورة سابقًا، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، ورئيس تحرير مجلة الأزهر، وولد عام 1923 في الكفر الجديد بمدينة المنزلة بمحافظة الدقهلية، وحصل على الدكتوراه في الأدب والنقد.
كتب في مجلة الرسالة وكان صديقًا شخصيًّا لأحمد حسن الزيات والإمام عبد الحليم محمود، ومن مؤلفاته: “دمع الحصاد” في رثاء زوجته، و”النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين”، و”حديث القلم”. وحصل على جائزة شوقي بالمجلس الأعلى للآداب والفنون بمصر وعدة جوائز من مجمع اللغة العربية، وتُوفِّي في الخامس من فبراير 2011.