فوضوية الدعاوى.. وتأني الحقائق
فوضوية الدعاوى.. وتأني الحقائق
من يمتلك أدوات البحث الصحيحة والمنهجية المنضبطة يستطيع ملاحظة العشوائية في عرض بعض القضايا، ومن تلك القضايا الكتابات النسوية السعودية التي تتسم بالاضطرابات والقفزات، ومثال ذلك حينما تقف إحدى النسويات على حديث من أحاديث رسول الله (ﷺ) أو حكم شرعي يتعلق بالمرأة فتبدأ بتأويل الحديث لغير معناه، أو تتفاعل معه بشيء من الغضب أو لم تنظر في صحة إسناده، أو العكس فإنها تستعمل أحاديث ضعيفة أو مُرسلة لمجرد أنها ترى أنه من الممكن توظيف هذا الحديث للفكرة التي تدعو إليها، فتظهر الهشاشة المعرفية في علمها بالعلوم الشرعية.
وترى الكاتبة أن بعض النسويات تتعامل مع النصوص الدينية بعين غير العين الذي لا بُدَّ من النظر بها حتى يتم فهم النصوص فهمًا صحيحًا، فتنطلق من قيم ومفاهيم تخالف الشريعة، وبالتالي ترى أن ما تدعو إليه الشريعة غير مناسب، فمثلًا قيمة الحياء، حينما تُذكر لا يُتعامل معها بصورة صحيحة من قِبل النسويات، فالحياء من كليات الأخلاق الإسلامية، وهو عام للذكر والأنثى، ولكنه ألصق بالأنثى لطبيعتها، فجاءت الأحكام لحفظ تلك الطبيعة الخيرة، لذا نجد في القُرآن الكريم احتفاء بالحياء الفطري في قصة موسى (عليه السلام) والفتاتين، فوصف القُرآن إحداهما بـ﴿تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ﴾، بل راعت الأحكام الشرعية حياء المرأة فاعتبرت صمت البِكر إذنًا.
فالحياء في الشريعة قيمة أخلاقية وجمالية، إلا أنه بالرغم من ذلك جُعل الحياء مُعممًا للجنسين، فقد قال رسول الله (ﷺ): “الحياءُ من الإيمان”، والإيمان لا يخص الأنثى، بل لكلا الجنسين، لذا جاءت الأحكام الشرعية تُراعي الحياء الفطري وتزيده طالما كان سببًا في زيادة الإيمان، لذا كانت بعض الأحكام الشرعية المتعلقة بالمرأة تحفظ لها ما يزداد بها إيمانها، كما تحفظ ما يزيد به إيمان الرجل.
الفكرة من كتاب الحريم العلماني.. الليبرالي!
يمتلئ عالمنا بالأفكار التي تحاول تفسير الظواهر والأحداث، وكذلك الأفكار التي تكون نتيجة إجابة تساؤلات تردد على الفرد بين الحين والآخر، ومن تلك الأفكار والتساؤلات ما تخطه المرأة في حديثها عن ذاتها، وفي تحليلها وتأملها عما يدور من القضايا والأفكار التي تخص حياتها، لهذا جاءت كاتبتنا بتأمُّل وبحث طويل يُعبِر عن بعض التفسيرات لبعض التساؤلات، ومنها: هل المطروح فيما يخص قضايا المرأة في الوسط الفكري هو الأقرب للحقيقة؟ وهل هناك فجوة بين التنظير والتطبيق؟ وهل تُختصر النساء جميعًا في نموذج نسوي واحد؟ وغيرها من الأسئلة التي تكشف لنا حقيقة الأمر، لنضع كل شيء في مكانه الصحيح من غير تسفيه أو مُبالغة.
مؤلف كتاب الحريم العلماني.. الليبرالي!
ملاك بنت إبراهيم الجهني: كاتبة سعودية الجنسية، حاصلة على البكالوريوس في الشريعة الإسلامية، وعلى الماجستير في الثقافة الإسلامية، تعمل باحثة في مجال دراسات المرأة، وهي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
من مؤلفاتها: “قضايا المرأة في الخطاب النِّسوي المعاصر: الحجاب أنموذجًا”، و”الحريم العلماني.. الليبرالي! مقالات وقراءات فكرية”.