فوبيا الحميمية
فوبيا الحميمية
يُصاب أغلب المتعرضين للإساءات بفوبيا الحميمية؛ وليس المقصود بالحميمية هنا علاقة الرجل والمرأة فقط، وإنما كل أنواع الاتصال الإنساني، والفوبيا هنا تعني خوف القرب من الآخر، وتتخذ العديد من الأشكال، منها العدائية؛ فتقول إحداهن: “أنا ماباحبش الناس، مش باحب القرب والاجتماعات، حتى الصداقات بالنسبة لي مش أكتر من تمضية وقت لطيف”، فيتخذ المرء هنا العدائية كوسيلة حماية؛ لإزاحة الآخرين عنه، أو مقاومة اقترابهم عن طريق النقد اللاذع لهم والسخرية منهم، وقد يرى البعض هذا عدائية، أو دفاعية، والبعض يسميها انطوائية، على الرغم من كون من يتخذون هذا المسار اجتماعيين وانفتاحيين؛ لكنه انفتاح أفقي، بمعنى التعرف على عدد كبير من الناس بشكل سطحى تمامًا وعدم تعمُّق العلاقة، في محاولة منهم للحماية من المزيد من الألم، فالحرمان الأول جعلهم يخافون المزيد من الحرمان، ووجع الوحدة خير لهم من وجع الهجر، وكل هذا شكَّلته علاقاتهم الأولى واحتياجاتهم وذكرياتهم التي لم تسدَّد بعد.
وهناك نوع آخر من العدائية يُسمَّى “العنف السلبي”، فيقول أحدهم: “كنت أنتظر من يبحث عني، من يلح عليَّ، أو من يقتحم انعزالي الذي أعاقبهم به ليخبرني أنني محبوب وأنه يكترث لأمري”، ويتبنى أحدهم هذا الأسلوب ويبقى منتظرًا دائمًا من يبحث عنه، أو يعرف ما بداخله عندما لا يبوح به، لكن لا يمكن لأحد أن يتوقَّع احتياجاتنا أو يفهم دومًا ما لا نبوح به، فتلك أساليب حمقاء، فينبغي أن نُعلن وأن نُفصح عما لدينا.
وينغلق أحدهم على نفسه ويمتلئ بالأسرار كنوع من فوبيا الحميمية، ولسان حاله يقول: “لو اقترب أحدهم واطَّلع على حقيقتنا سيرفضنا ويتركنا”، لذلك يبقى على مسافة منه كي لا تنكشف نواقصه، ويبقى كل شيء مثاليًّا، وكل هذا بسبب شعور المرء بالخزي، واحتقار الذات، وعدم استحقاقه للحب، فيصبح حتى في أشد علاقاته حميمية يشعر بالوحدة والاغتراب، بسبب خوفه فقط من الاقتراب لا أكثر.
وتشوِّه الإساءة أيضًا قدرة المرء على التعاطف، فإما أن يصبح قليل التعاطف، لا يشعر بالآخر، ويعامله باعتباره أداة أو وسيلة ينبغي الاستفادة منها، أو شديد التعاطف؛ لدرجة الانغماس الشديد في كل شعور للآخر، وربما يتناسى مشاعره.
الفكرة من كتاب أبي الذي أكره.. تأمُّلات حول التعافي من إساءات الأبوين وصدمات النشأة
الآباء الجيدون يرتكبون أشياء سيئة، والأمهات الجيدات بما يكفي يرتكبن الأخطاء، لكن يتحدث الكاتب هنا عن العائلات التي ترجح فيها كفة الإيذاء عن العناية، والخطأ عن الصواب، فيبدأ كلامه بذكر أنواع الإساءة التي قد يتعرض لها الناس خلال رحلة حياتهم من خلال والديهم، وينهي كلامه بعرض خطوة التعافي من تلك الإساءات، والبحث عن الشفاء.
مؤلف كتاب أبي الذي أكره.. تأمُّلات حول التعافي من إساءات الأبوين وصدمات النشأة
الدكتور عماد رشاد عثمان: طبيب بشري من الإسكندرية، كاتب وباحث ملتحق بدرجة ماجستير أمراض المخ والأعصاب، والطب النفسي بكلية الطب جامعة الإسكندرية، له العديد من المؤلفات، ومنها:
رواية “اقتحام”.
أحببت وغْدًا.