فهم السياق
فهم السياق
بعد فهم المعنى للآية الواحدة ننتقل إلى فهم السياق، فالمرحلة هنا ضرورية ولها أهمية كبيرة عند علماء التفسير، وذلك لأن دلالة السياق يترتب عليها الكثير من الفهم الصحيح لكتاب الله، ويقول ابن القيم (رحمه الله) في بيان أهميتها: السياق يُرشد إلى تبيين المُجمل، وتعيين المُحتمل، والقطع بعدم احتمال غير المراد، وتخصيص العام، وتقييد المُطلق، وهذا من أعظم القرائن الدالة على مُراد المُتكلم، فمن أهمله غالط في نظره، وغالط في مناظرته، فانظر إلى قوله تعالى ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ كيف تجد سياقه يدل على أنه الذليل الحقير؟
ومثال فهم دلالة السياق في سورة الصف في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ ۖ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾، فسورة الصف في عمومها تدل على وحدة الصف في القتال والجهاد، وقد ذكر الله تعالى قصة موسى (عليه السلام) لأن قومه هم الذين قالوا ﴿اذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾، فقد تخلَّوا عن موضع الجهاد، وخذلوا موسى (عليه السلام)، فكان قصد السورة أن تُذكَّر أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) ألا يقولوا كما قال قوم موسى، وهذا حقًّا ما فعله المُقداد بن الأسود (رضي الله عنه) حين قال: إنا لا نقول كما قال قوم موسى لموسى ﴿اذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾، وإنما نقول اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون.
الفكرة من كتاب المراحل الثمان لطالب فهم القُرآن
يحتار الكثيرون في المنهجيَّة المُناسبة لفهم القُرآن فهمًا دقيقًا تُتذوَّق فيه المعاني البلاغية للقُرآن الكريم، ولا يفهم طبيعة الكُتب المُتعلقة بعلوم القُرآن وتساعد على فهمه، ففي كتابنا يُقدِّم لنا الكاتب عدة مراحل تساعد مُريد فهم القرآن على فهمه، ومعرفة المنهجيَّة المناسبة للإلمام بمعاني القُرآن.
مؤلف كتاب المراحل الثمان لطالب فهم القُرآن
عصام العويد: سعودي الجنسية وُلد عام 1971 ميلاديًّا في محافظة القصيم، نشأ في صغره على طلب العلم والأخذ عن الشيوخ الكِبار، حصل على الماجستير في الحديث وعلومه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقد شغل عدة مناصب دعوية مختلفة، فعمل عضو هيئة تدريس بجامعة الإمام في الرياض، ومستشارًا شرعيًّا في موقع “أون لاين”، وعددًا من المناصب الأُخرى، وله عدد من الإصدارات المسموعة والمؤلفات المكتوبة، منها: “تحريك الجنان لتدبُّر وتوقير أم القرآن”، و”أسوار العفاف”.