فهم الاستغلال التكنولوجي
فهم الاستغلال التكنولوجي
إذا أردنا مقاومة ما يحدث فعلينا فهم الاستغلال في سياق التكنولوجيا عبر مسارين، المسار الأول هو الكشف عن الأساليب الملموسة لإنتاج الأجهزة الرقمية، عن طريق طرح أسئلة مثل: كيف تستخرج المواد الخام الخاصة بالصناعات التكنولوجية؟ وما ظروف العمل في مصانعها؟ وهل توفر الشركات التكنولوجية الكبرى الحماية الكافية لموظفيها؟ أما المسار الثاني لفهم الاستغلال فهو النقد الإنساني لتجزئة الأنشطة، لنحاول أن نجيب عن سؤال مهم: ما تأثير تجزئة العمل إلى مهام متناهية في الصغر في تصور وإدراك وصحة العمال؟
بالإضافة إلى فهمنا لدائرة الاستغلال، ففي بدايتها تمنح المنصات الرقمية القدرة للأفراد على تشييء أنفسهم، عبر تمكينهم من الأدوات التي يستخدمونها للإسهام في محتوى المنصات، وعرض ذواتهم بصفتهم مقدمي خدمات تحت الطلب، ثم يؤدي ذلك إلى حدوث الاغتراب النفسي والرقمي، فيهرب الأفراد إلى مزيد من العمل، فيزداد تعرضهم للاستغلال من المنصات، وتستمر تغذية الدائرة.
يوجد توجه عالمي نحو مزيد من الأتمتة، بسبب تقارب المصالح المالية مع ديناميكيات الاستحواذ على التكنولوجيا، ولكن رغم ذلك لا يمكن الوصول إلى الأتمتة الكاملة بسبب اعتمادها على العمل الرقمي، وهو ما يضمن إحياء الصراع القديم بين البروليتاريا ورأس المال لكن في صورة رقمية، ولكن إذا افترضنا تحقق الأتمتة الكاملة، فهذا يعني زوال اقتصاد السوق نهائيًّا، ولهذا فإن البديل يتمثل في التطور الجزئي لتقنيات التصنيع والمعلومات والاتصالات، مع الحفاظ على وجود الدور البشري، وإعادة تعريف العمل وأدواره بما يتناسب مع التطور التكنولوجي، ويضمن أكبر قدر من الحقوق والضمانات.
الفكرة من كتاب في انتظار الروبوت.. الأيدي الخفية وراء العمل الرقمي
يعمل سيمون في شركة بمدغشقر، تعرض هذه الشركة على المشاهير توفير الخدمات والمنتجات الترفيهية اعتمادًا على تقنية الذكاء الاصطناعي، ولكن في الحقيقة، من يقوم بالعمل هو سيمون وجموع غفيرة في عديد من الدول الفقيرة، ما يعني أن الذكاء الاصطناعي الحقيقي مجرد ستارة تخفي تحتها عاملين رقميين!
سنحاول كشف الغطاء عن الدور البشري في التطور التكنولوجي للآلات عبر ما يسمى بالعمل الرقمي، لنجيب عن أسئلة مهمة مثل: هل سنصل يومًا إلى ما يسمى بالأتمتة الكاملة؟ وهل ستجعلنا الروبوتات نعيش في عالم بلا وظائف؟ وما علاقاتها بالعمل الرقمي؟ وما مشكلاته؟ وكيف تستغله المنصات الكبرى؟ وما الذي يمكن للعمال فعله لتحسين ظروفهم؟
مؤلف كتاب في انتظار الروبوت.. الأيدي الخفية وراء العمل الرقمي
أنطونيو كازيللي: أستاذ علم الاجتماع الإيطالي الفرنسي، ولد في فبراير عام 1972م بإيطاليا، وحصل على الدكتوراه في عام 2006م من جامعة مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية بفرنسا، وعمل منسق سيمينار دراسة الثقافات الرقمية منذ عام 2007م، حاز كتابه “في انتظار الروبوت.. الأيدي الخفية وراء العمل الرقمي” جائزتين، الكتابة الاجتماعية والجائزة الكبرى للحماية الاجتماعية، وله كتاب آخر بعنوان:
الروابط الرقمية.
معلومات عن المترجمة:
مها قابيل: مترجمة مصرية متخصصة في العلوم، من أعمالها الترجمية:
البيولوجيا: تاريخ وفلسفة.
الاستنساخ البشري.