فن مُتأَمرِك!
فن مُتأَمرِك!
قد تتعجب مما سيُذكر هنا، لذا حاول أن تتذكر أنك تعيش الآن في زمان تتجاذبه قوى عديدة وأفكار متضاربة متصارعة يهدم بعضها بعضًا، ولا يكاد ينقضي زمان بأفكاره وتوجهاته إلا وقضى عليها زمان يليه، وما نعيشه اليوم هو نتاج لهذا التضارب وتلك الصراعات، نعم لقد امتدت أذرع النزاعات العالمية حتى نالت جوانب عدة من حياتنا، من ضمنها الفن.
تصور أن أفكارًا كالشيوعية والرأسمالية والنيوليبرالية والحداثة وما بعدها، وحروبًا كالحرب العالمية الأولى والثانية، كما أنها تقوم بتوزيع وتغيير الأفكار والقوى المؤثرة والمهيمنة في العالم فإنها تأخذ الفن في جعبتها أيضًا! الولايات المتحدة صاحبة القوى المهيمنة اليوم مثلًا هي أيضًا صاحبة القوى الثقافية المهيمنة وهي كما يقول الكاتب تصدر منتجاتها على مستوى العالم فتستهلكه الشعوب بينما يكون استيرادها أقل ما يمكن!
هل لهذا علاقة بالاقتصاد أيضًا؟
بالطبع، فكون الولايات المتحدة تصدر أكثر مما تستورد يعني أنها تملك اقتصادًا يؤهلها لصناعة الفن الذي تقدمه للعالم، باختلاف طابع هذا الفن المتنوع وأشكاله نظرًا لتنوع الولايات المتحدة ثقافيًّا، وكذلك لتنوع الأحداث العالمية التي يستغلها الفنانون في أعمالهم واختلافها، أو في الخروج على طبيعة الأحداث المعاصرة مما ينتج لنا فنًّا آخر متعاليًا على الواقع بشكل فج ومثير للجدل بشكل كبير ولايخضع لأي ضوابط أو قواعد أو حدود.
مع تقدم الوقت أخذت هذه الهيمنة الأمريكية على الفن وجهًا آخر، فليس شرطًا أن يكون الفن أمريكيًّا، بل أن تتم صناعته وفقًا للنموذج الأمريكي النيوليبرالي العالمي.
الفكرة من كتاب الفن المعاصر: مقدمة قصيرة جدًا
يُقال إن مصطلح تأثير الفراشة يشير إلى أن الفروق والتغيرات الديناميكية البسيطة التي تكون في بداية الحدث تنتج عنها تغيرات وتأثيرات ونتائج متتالية قد يفوق حجمها الحدث الأصلي وقد يمتد أثرها إلى ما لا يُتوقع!
ويبدو أن ما يشهده العالم من تقلبات سياسية واقتصادية وفكرية اليوم وعلى مدار الزمان تُخضعنا لتأثير الفراشة، فتمتد آثار تلك التقلبات والتطورات لتشمل جوانب عدة من حياتنا لم نكن نتوقع أنها متأثرة بفعل هذا كله، مجالات وجوانب عدة كنا ننظر إلى بعضها مثلًا باعتبارها وسائل ترفيه “بريئة” تتم صناعتها والعمل عليها لإسعادنا فقط، وبعضها صنُع ليسهل مزيدًا من التواصل والتقارب، والبعض الآخر لتلبية احتياجاتنا من الغذاء والدواء، لكن بعد قراءتك لهذا الكتاب ستتغير نظرتك ليس تجاه الفن فقط كما هو عنوان الكتاب ولكن تجاه كل شيء من حولك تقريبًا!
مؤلف كتاب الفن المعاصر: مقدمة قصيرة جدًا
جوليان ستالابراس، محاضر متخصص في تاريخ الفن في معهد الفنون بلندن، إلى جانب كتابه هذا فهو كاتب في العديد من الصحف والمجلات أيضًا، كمجلة Evening standard.
معلومات عن المترجمة:
مروة عبد الفتاح شحاتة، خريجة جامعة عين شمس، قسم اللغة الإنجليزية بكلية الألسن، وحاصلة على دبلوم الترجمة التحريرية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة أيضًا، تعمل حاليًّا مراجع ترجمة لدى مؤسسة هنداوي، من الكتب التي ترجمتها أيضًا:
الحركة التقدمية في أمريكا.
الرأسمالية والحرية.
رقصة الظلال السعيدة.