فن الوضوح
فن الوضوح
يدخل الوضوح كبُعد رابع من أبعاد الذكاء الاجتماعي، ويهدف إلى قياس قدرة الإنسان على التعبير عن أفكاره وآرائه ونواياه وأهدافه بوضوح، إذ يجب أن يقول المرء ما يعني ويعني ما يقول، وأن يستخدم نبرة الصوت المناسبة، ويضع الألفاظ في محلِّها، والانتباه لما يقوله الآخرون من أجل التمكُّن من فهم وجهة نظرهم، ولكي يستطيع المرء أن يتكلَّم بوضوح، لا بد أن تكون لديه في جُعبته حصيلة لغوية قادرة على مساعدته على أن يصبُغ أفكاره ومقاصده بالتعبيرات المناسبة، وإيصال الأفكار إلى الآخرين بشكل واضح، إذ إن الكلمة الواحدة يمكن أن تُستخدَم بطرق متنوِّعة في سياقات متعدِّدة، وتُعطي معاني مختلفة، كما أن اختيار مستوى الحديث مع الناس يجب أن ينطلق من منطقة تقودهم إلى فهم المعنى المراد دون أي تعقيد بالنسبة لهم، إذ يمكنك أن تستخدم الاستعارات اللغوية والمجاز والتعبيرات التي من شأنها أن تضع مسار تفكير المستمع عند المستوى الذي تريده، فإن البراعة في ذلك تمكنك من توجيه تدفُّق الأفكار إلى عقل المستمع بالتحرُّك من مستوى إلى آخر في الوقت المناسب.
هناك نوعان من اللغة يتداولها الناس؛ الأول “اللغة القذرة”، والثاني “اللغة النظيفة”، والفارق بينهما يمكن أن نلاحظه في المثال التالي: عندما تطرح ذات الفكرة على شخصين، فيقول لك أحدهما: “تلك فكرة غبيَّة”، بينما يقول لك الآخر: “أختلف مع هذه الفكرة”، سنلاحظ أن الشخص الأول استخدم لغة قذرة فيها نوع من الوقاحة والعدوانية الصريحة وقطع التواصل، ولا تستشفُّ اللغة القذرة من الكلمات فحسب، بل تكمن أيضًا في نبرة الصوت وتعبيرات الجسد والسلوك بشكلٍ عام، بينما نجد الشخص الآخر استخدم لغة نظيفة فيها احترام وتقدير لما نقول، فقام ببناء جسور التواصل، وسبب وصف اللغة القذرة بهذا الوصف لأنها تُلوِّث عملية التواصل، لذلك تُشير الدراسات إلى أنها تُشعِر الآخرين بالاغتراب، وبناءً على ذلك فإن من المهارات الأساسية في فن الوضوح أن تكون على وعي بتلك الظواهر اللغوية السيكولوجية، وأن تُراقب ألفاظك وتتفادى كل ما يتسبَّب في سوء الفهم وقطع التواصل، فعندما نفكِّر ونتأمّل في المواقف الاجتماعية التي مررنا بها خلال الأيام الماضية، سنكتشف أن بعضها بمثابة مثال وضع على أُناس استخدموا تعبيرات غير مناسبة في مواقف وسياقات غير مناسبة، ولعلَّ جميعنا وقع في هذا الخطأ، وسوف تعدُّ نفسك من المحظوظين لو أن هذا لم يؤثر في مهنتك أو صداقاتك، أو علاقتك بزوجتك، أو زوجك!
الفكرة من كتاب الذكاء الاجتماعي.. علم النجاح الجديد
يُبيّن المؤلف خلال صفحات الكتاب أن القدرة على التواصل مع الناس بشكل فعَّال ترتكز على ذكاء من نوع خاص، وهو “الذكاء الاجتماعي”، وهو مختلف تمامًا عن حاصل الذكاء العقلي، إذ يعتمد على القدرة على الانسجام والتآلف الجيِّد مع الآخرين وكسب تعاونهم، ويفترض أن الذكاء الاجتماعي مكوَّن من خمسة أبعاد، وكلٌّ منها يتضمَّن سلوكيات اجتماعية ضارة وأخرى مُعزَّزة، ومن يتمتَّع بذكاء اجتماعي هو من يتبع السلوكيات المُعزَّزة.
مؤلف كتاب الذكاء الاجتماعي.. علم النجاح الجديد
كارل ألبريخت: هو مستشار إداري، ومُدرِّب، ومُحاضر، تم إدراج اسمه كواحد من أفضل 100 شخص في مجال إدارة الأعمال، كما أنه خبير في تنمية مهارات التفكير المتقدمة، وله العديد من الكتب في استراتيجيات العمل والأداء التنظيمي، والإنجازات المهنية، منها:
Stress and the Manager.
Practical Intelligence: The Art and Science of Common Sense.
Brain Power: Learn to Improve Your Thinking Skills.
Conversations With a Frog.
Brain Snacks: Fast Food for Your Mind.
Corporate Radar: Tracking the Forces That Are Shaping Your Business.