فن الكتابة والتدوين
فن الكتابة والتدوين
يقول الكاتب: “الكتابة عملية إبداعية معقَّدة تتداخل فيها مجموعة من العوامل؛ إنها عملية إنتاج للغة محكومة بشروط وقوانين”، فالكتابة هي أعظم إنجاز ظهر عند الحضارة البشرية، فقد تناقلت موروثة جيلًا بعد جيل، كما أنها وسيلة وثيقة لنقل الحضارة بين الأجيال، وهي نوعان: كتابة رسمية وكتابة إبداعية فنية، وقد نُفيَ عن العرب أنهم لم يعرفوا القراءة والكتابة، بل على النقيض أكد المسعودي وابن فارس معرفة عرب الجاهلية بعلوم اللغة والقراءة والكتابة، بل أبدعوا وأسَّسوا حضارات بها، وأن لفظ الجاهلية أو الأمية الذي جاء في القرآن يصف العرب إنما يعني جاهليتهم بأمور الدين وبعض العادات التي توارثوها، وتنوَّعت أدوات الكتابة عند العرب، فكانوا يكتبون على الجلد والقماش والحجارة والبردي والورق، ويستعملون في الكتابة المداد من حرق الصوف والقلم من القصب وغيره، وتطوَّر الخط عندهم على مر الزمان، فأول خط كتبوا به، وكان عند عرب اليمن الخط المسند الجنوبي أو خط حمير، ثم تفرَّع إلى الخط الثمودي واللحياني والصفوي والنبطي يُعتبر تطورًا للخط الآرامي حتى تحضر الأنباط واتصلوا بالآراميين وتطور الخط حتى وصل إلى الخط العربي الحالي وهو خط شمالي وتطور للخط النبطي، وكانت تُكتب الحروف العربية دون نقاط قديمًا.
أما فن التدوين فهو عبارة عن تدوين المعلومات المقروءة الجديدة على القارئ، وإذا كان الكلام كثيرًا، فمن الممكن تدوين أرقام الصفحات للعودة إلى المعلومات فيها، ومن طرق التدوين طريقة البطاقات، وهي عمل بطاقات من ورق مقوَّى ثم تدوَّن فيها المعلومة أو الاقتباس مع كتابة اسم الكتاب والكاتب والصفحة للتوثيق وسهولة الرجوع إلى الكتاب، وطريقة الملخص عن طريق عمل ملف وورد أو ورقي لملخص الكتاب، وطريقة جمع الاقتباسات والفوائد من الكتاب، وتُسمَّى طريقة الكُناشة، وطريقة تدوين رقم الصفحة، وطريقة الخريطة الذهنية أو التشجير، وهي بمثابة تجميع لمعلومات الكتاب في شكل فني، وطرق التدوين لها فوائد منها حفظ المعلومة وتثبيتها في ذاكرتك، وطرد الملل.
الفكرة من كتاب خارطة القراءة
يقول ابن الجوزي: “وإني أخبر عن حالي: ما أشبع عن مطالعة الكتب، وإذا رأيت كتابًا لم أقرأه، فكأنني وقعت على كنز”، فالكتب هي نوافذ خارجية وداخلية في هذا العالم، يحيا المرء بمفرده في هذه الحياة حتى يجد الكتب فيجد الصُحبة والمعرفة، ويُحلِّق بعيدًا عن عالمه حين ينغمس في كتاب ما، وقد ترى عوالم وأزمنة مختلفة في الكتب حتى لو لم تعشها، والكاتب هنا يأخذنا في رحلة حول القراءة والكتب ومراحل التدوين، وأيضًا يقودنا إلى قصص كثيرة حول المكتبات وكيف تقرأ؟ وتصاحب كتابًا ممتعًا.
مؤلف كتاب خارطة القراءة
الدكتور حمد بن سليمان الباحوث، كاتب سعودي الجنسية، حاصل على الدكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ومن مؤلفاته: “الاحتساب على المخالفات الشرعية في مجال الرواية الأدبية العربية المعاصرة”، والكتاب الذي بين أيدينا.