فن الحوار
فن الحوار
الحوار مصطلح أصله في اللغة العربية كلمة الحور، ويعني تراجع الكلام كما جاء في معجم لسان العرب لابن منظور، وأيضًا الرجوع عن الشيء وإلى الشيء، وذُكر التحاور في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع تقريبًا، منها حين قال الله (عز وجل) في سورة المجادلة: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا﴾.
وهناك فارق بين الجدل والحوار والمناظرة؛ حيث إن الحوار بمثابة مراجعة الكلام أو محاورة بين شخصين دون الدخول في خصومة أو ضغينة، أما الجدل أو الجدال أو المجادلة وجميعها لها نفس المعنى فهي مناقشة متعصبة تؤدي إلى الخصومة بين الطرفين والعناد بينهما، وجاء استعمال الجدال في القرآن الكريم حين قال الله (سبحانه وتعالى): ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ﴾، وجاء معنى الجدل في اللغة لابن منظور بأن الجدل هو الشدة والقوة في الخصام، والأجدل هو الصقر، أما معناها اصطلاحًا الخصام أو إفساد الإنسان لقول خصمه بشبهة أو تصحيح كلامه بخصومة، وجاء الجدل في القرآن في تسعة وعشرين موضعًا بمعنى الخصومة ما عدا أربعة مواضع، ومنها قول الله (عز وجل): ﴿وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾، وهذا يدل أن الله (عز وجل) لا يأمرنا بالجدل لأنه غير محمود ويدل على الخصومة والمفسدة إلا لو كان بالحسنى ويحق الحق به ويُبطل الباطل، فحينها يكون جدالًا محمودًا، والقاعدة أن كل جدل حوار ولكن ليس كل حوار جدلًا، وقد يجتمع الجدل مع الحوار كما جاء في سورة المجادلة.
أما المناظرة فجاء أصلها من النظر، لأن النظر يقع للأجسام والمعاني، والمناظرة تعني أن تكون نظيرًا في الخطاب لشخص آخر ويرى كيف تأتيان به، أما لغةً فتعني النظير، واصطلاحًا أن تنظر ببصيرة إلى جانبي الشيء لتُظهر الصواب، وأيضًا تكون نظيرًا لآخر في المخاطبة، والمناظرة أصلها مُستحب.
الفكرة من كتاب كيف تحاور؟
تعتمد طُرق تواصلنا مع الآخرين على الحوار، ولأن الإنسان خُلِق بالفطرة يريد التحدث ويريد من يستمع له، والله (عز وجل) لم يخلق الإنسان عبثًا، فرسَّخ في فطرته وأنزل بمنهجيته النبوية ماهية الحوار وطُرقه، لذا كان التحاور موضوعًا شائكًا يجب التطرُّق إليه بموضوعية والاطلاع على مميزاته وعيوبه، ومفهوم الحوار ذاته، إضافةً إلى آداب الحوار في الإسلام، وهو فن يجب على الإنسان معرفته وفهمه، وبخاصةٍ مسؤولي التحاور مثل المذيعين والدُعاة وغيرهم ممن يملكون مناقشات حوارية، وأيضًا تعلم آداب الحوار وفهمه يُخرج الإنسان من شاكلة الغرق بينه وبين الجدال والمناقشة لكي يصل به في النهاية إلى حوار لبق مقبول يُفهم منه حديثه ويفهم فيه الطرف الآخر في إيجاز وبيان.
مؤلف كتاب كيف تحاور؟
الدكتور طارق بن علي الحبيب: طبيب نفسي سعودي، ولد في محافظة عنيزة في منطقة القصيم، حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة الملك سعود، ثم واصل دراساته العليا في الطب النفسي في أيرلندا وبريطانيا، وتتركز اهتماماته العلمية في علاج الاضطرابات الوجدانية وفي مهارات التعامل مع الضغوط النفسية وفي علاقة الدين بالصحة النفسية.
وهو بروفيسور، واستشاري الطب النفسي، والمشرف العام على مراكز “مطمئنة” الطبية، وبروفيسور واستشاري الطب النفسي في كلية الطب والمستشفيات الجامعية في جامعة الملك سعود في الرياض، ومستشار الطب النفسي للهيئة الصحية في إمارة أبوظبي.
وله كتب عديدة منها:
التربية الدينية في المجتمع السعودي.
الفصام.
مفاهيم خاطئة عن الطب النفسي.
العلاج النفسي والعلاج بالقرآن.
الطب النفسي المبسَّط.
علمتني أمي.
نحو نفس مطمئنة واثقة.