فن التعاطف
فن التعاطف
يُعد فن التعاطف البُعد الخامس والأخير من أبعاد الذكاء الاجتماعي، وهدفه هو دعوتنا إلى تدقيق النظر في مدى وعينا ومراعاتنا بحق مشاعر الآخرين، من حيث القدرة على التعامل معهم على أنهم أشخاص مُتفرِّدون، والاستعداد لتقبُّلهم كما هم، والإحساس بالارتباط الذي يُشجِّع على التعاون معهم، ويتلخَّص التعاطف هاهنا بأنه شعور إيجابي بين شخصين يتمتَّعان بالمودة والألفة، كما يخبرنا الحِس السليم أن البشر يكونون أقرب إلى التعاون والاتفاق معك ودعمك ومساعدتك إذا أحبُّوك وشاركوك نوعًا من الاحترام والمودَّة المتبادلة، وبالتالي تنقسم السلوكيات إلى نوعين: الأول “سلوكيات ضارَّة”، وهي تلك السلوكيات التي تهدم التعاطف، ويطلق على صاحبها الشخصية المنفِّرة لأنه يُبعد الآخرين عنه عن طريق الحط منهم وتجاهلهم وإهانتهم، والثاني “سلوكيات مُعزَّزة”، وهو كل سلوك يُنمِّي التعاطف مع الآخرين، عن طريق التقدير والاحترام والتعاطف طويل الأجل وليس اللحظي.
وبناءً على ذلك فإن بناء صلة تعاطف قوية بين شخصين أو أكثر، ترتكز على ثلاثة أنماط سلوكية محدَّدة، وهي: “الانتباه” عن طريق الاهتمام الحقيقي الصادق بالإنصات، والتوجُّه نحو الآخر بجسدك، والنظر في عينيه، والإيماء بالرأس، و”التقدير” بأن تتقبَّلهم وتتقبَّل آراءهم وأفكارهم، ويتم ذلك بألا تنم إشاراتك عن الرفض والعداء إذا كنت تختلف معهم في بعض الأمور، و”التوكيد”؛ إذ إن من السهل أن تحب وتحترم شخصًا تتفق معه، لكن من تختلف معه لا تشعر تجاهه بذلك، ومن ثمَّ يجب أن تتبع معه أسلوب الحب لشخصه ولكنك تغضب من سلوكه، فإن ذلك يدفع الآخرين إلى احترامك والتعاطف معك.
تقول القاعدة الذهبية المتعارف عليها بين الناس: “عامل الآخرين كما تحب أن يعاملوك”، إلا أنها من منطق الذكاء الاجتماعي تُعد عبارة خاطئة لأنها عبارة أنانية منشغلة بالذات، ومن ثمَّ لا بدَّ من استبدالها بالقاعدة البلاتينية التي تقول: “عامِل الآخرين كما يفضِّلون أن تعاملهم”، فهذه القاعدة تضمن أن يحصل الآخرون على ما يريدون من منطلق احتياجاتهم ورغباتهم، وليس من منظور احتياجاتك ورغباتك لأن كل إنسان يحب أن يعامَل معاملة خاصة ومتفرِّدة، وتطبيقًا على ذلك إذا جاء إليك أحد الأصدقاء شاكيًا، فإن اتَّبعت القاعدة الذهبية، فسوف تعامله بمثل ما كنت تريد أن تُعامَل في هذه الحالة، ومن ثمَّ إذا كنت تحب أن تأخذ نصيحة، فسوف تقدِّم له نصيحة، أما إذا اتبعت القاعدة البلاتينية، فسوف تنظر في حاله هو، إذ قد يحتاج إلى حضن وليس إلى نصيحة! ومن هنا فإن التعاطف يتطلَّب منَّا بذل مزيدٍ من الجهد لفهم الآخرين واحتياجاتهم والإقرار بها، والعمل من منطلق تلك المعرفة لتشكيل علاقات فعَّالة معهم.
الفكرة من كتاب الذكاء الاجتماعي.. علم النجاح الجديد
يُبيّن المؤلف خلال صفحات الكتاب أن القدرة على التواصل مع الناس بشكل فعَّال ترتكز على ذكاء من نوع خاص، وهو “الذكاء الاجتماعي”، وهو مختلف تمامًا عن حاصل الذكاء العقلي، إذ يعتمد على القدرة على الانسجام والتآلف الجيِّد مع الآخرين وكسب تعاونهم، ويفترض أن الذكاء الاجتماعي مكوَّن من خمسة أبعاد، وكلٌّ منها يتضمَّن سلوكيات اجتماعية ضارة وأخرى مُعزَّزة، ومن يتمتَّع بذكاء اجتماعي هو من يتبع السلوكيات المُعزَّزة.
مؤلف كتاب الذكاء الاجتماعي.. علم النجاح الجديد
كارل ألبريخت: هو مستشار إداري، ومُدرِّب، ومُحاضر، تم إدراج اسمه كواحد من أفضل 100 شخص في مجال إدارة الأعمال، كما أنه خبير في تنمية مهارات التفكير المتقدمة، وله العديد من الكتب في استراتيجيات العمل والأداء التنظيمي، والإنجازات المهنية، منها:
Stress and the Manager.
Practical Intelligence: The Art and Science of Common Sense.
Brain Power: Learn to Improve Your Thinking Skills.
Conversations With a Frog.
Brain Snacks: Fast Food for Your Mind.
Corporate Radar: Tracking the Forces That Are Shaping Your Business.