فنان بأمة
فنان بأمة
بمعرفة الكاتب للغته وماضيه فهو يعرف لغة شعبه وماضيه ككل، فيكون بما يكتبه فمًا وأذنًا وقلبًا لشعبه، فبمعرفة الماضي يتضح له الحاضر، وبمعرفته تاريخ شعبه وأفكاره التي تُقصّ في الحكايات والأساطير والأمثال الشعبية يعرف أفكار الجماهير العامة.
وللأمثال والأقوال المأثورة فائدة تتمثل في معرفة حكمة ذلك الشعب وكامل حياته، معرفة الروح العامة التي تعبر عن حال ذلك الشعب وصفاته، وإذا كان دور الأمثال تكوين نماذج عامة عن الشعر، فالكاتب دوره تكوين نماذج خاصة مركبة من صفات شعبه وشخصياته.
ولعيش الكاتب في طبقة اجتماعية صغرى يتشابه أفرادها كما تتشابه القطع النقدية، شعر بالمقت والملل من ذلك التشابه العادي بين أفراد عاديين، وأمام تلك العادية التفت للغرابة الموجودة في حياة المتشردين، فهي حياة لم يفهمها تمامًا لكنها أفادته عندما كتب عنها محاولًا تزيين حياتهم المُرهَقة، فهؤلاء قوم رغم صعوبة الحياة لم يتذمروا كما تذمر العاديون، بل كانوا معتزين بكرامتهم يعيشون التعاسة مدركين الراحة في حياتهم وأفضليتها على حياة هؤلاء الذين يعيشون في “بحبوحة”. فدور الكاتب رصد حركات الناس وأساليبهم ومعتقداتهم، كما رصد المؤلف حياة من كتب عنهم من المشردين.
وبقدرة الكاتب على رصد هؤلاء الناس وجمعهم في شخصية واحدة يكون قد أبدع النموذج، ولإبداع النموذج قوتان أساسيتان: قوة الوعي وقوة الخيال، فبالوعي لما يراقبه الكاتب في حياته اليومية من صور ومواقف، وبخياله وقدرته على ربط تلك الصور في قالب واحد، يكون قد كوّن النموذج، ويجوز للنموذج أن يكون غير واقعي كهرقل، أو نموذجًا أدبيًّا كفاوست وهاملت ودون كيشوت، فمهما كانت طباع الشخصية يستطيع الكاتب بقوة كلمته وخياله أن يجعل من تلك الشخصية غير الواقعية نموذجًا أدبيًّا، فكل منافق اسمه طرطوف وكل غيور يدعى عطيل.د
الفكرة من كتاب كيف تعلمت الكتابة ومقالات أخرى
يشاع بين كثير من الناس أن الكتابة مثلها مثل الرسم والخطابة، موهبة فطرية في الإنسان لا يمكن اكتسابها بالمران والتدريب، بل تولد معه ويستعملها كما يشاء وقتما يشاء، دون تعب يُذكر أو مجهود يُرهق، وهذا ظن خاطئ تمامًا، فالكتابة مهارة كأي مهارة تُكتسب بعدد من القواعد المعرفية التي يجب أن يحيط بها الكاتب لينطلق منها، وهنا يعرض الكاتب السوفيتي الاشتراكي مكسيم غوركي بعض تلك القواعد التي ساعدته على الكتابة والتأليف.
مؤلف كتاب كيف تعلمت الكتابة ومقالات أخرى
أليكسي مكسيموفيتش بيشكوف: المعروف بمكسيم غوركي، وهو أديب وناشط سياسي ماركسي روسي، ولد في مدينة نوف غورد (التي تسمى الآن غوركي تيمنًا به) عام 1868م، ولم يكد يبلغ العاشرة حتى صار يتيم الأب والأم. وكان جده الذي رباه بعدهما قاسيًا، فانطلق من صغره لينخرط في صفوف الناس ويعاشرهم ويكتشف قسوة الحياة وشناعتها، مُعانيًا ظلم المتعسفين من الناس، مما أيقظ كرهه الشديد لكل مظالم الأرض ودفعه للتمرد، وبعد ذلك دفعه للكتابة عما رآه من المظالم.
رُشح لجائزة نوبل في الآداب خمس مرات، ومن أهم أعماله:
فوما غوردييف.
الأصدقاء الثلاثة.
رواية “الأم”.
معلومات عن المترجم:
مالك صقور: قاص وناقد ومترجم سوري ولد عام 1949م، حصل على درجة الماجستير في الأدب المقارن، من أشهر ترجماته:
العسس الليلي.
أسس الإبداع عند دوستويفسكي.