فليأتوا بأنفسهم.. الاستعداد للحرب
فليأتوا بأنفسهم.. الاستعداد للحرب
كان الأمر يستدعي كثيرًا من الغرابة، فالمتوقع من هؤلاء المستثمرين الخارجين من فقاعة الإنترنت أن يكونوا أكثر حذرًا مع الاستثمارات التقنية، وخصوصًا القائمة على العالم الرقمي، لكن هذا الانبهار الذي كان يعلو صفحات وجوه المستثمرين ما إن يعقدوا اجتماعًا أو اثنين مع المؤسسين كان غريبًا، فقد كان المعتاد من محركات البحث اعتمادها على أسلوب تجاري رخيص، يعطي الأولوية للإعلانات على رغبات المستخدمين الحقيقية، لكن ما أصر عليه الزميلان أن تظل الأولوية هي سرعة عملية البحث وجودتها، وجودة الإعلانات بحيث لا يقدر المستخدم على التمييز بينها وبين نتائج البحث،
وقد رأى القادة أن هذه الجودة والكفاءة وبساطة الاستخدام بوسعها استبدال أعباء التسويق والدعاية، فلنؤدِّ عملنا على أكمل وجه وسيأتي الزبائن في إثر ضوئنا اللامع، كان المبدأ واضحًا على الدوام، يجب أن تتحلى الإعلانات بالفائدة لا الإزعاج، وهذه القاعدة هي التي أكسبت جوجل كل هذه الثقة، والتي ستستغلها جيدًا حينما تحول هذه البيانات التي بجعبتها إلى سلاح خارق.
تعطلت هذه الخطوة كثيرًا، فلم يكن القادة في خضم هذا النجاح الباهر يرون داعيًا لطرح الشركة في الاكتتاب العام والكشف عن أفكارهم وتصوراتهم للأسواق، لكن إذا أرادوا المنافسة والدخول في حروب الاستحواذ وبراءات الاختراع، فلا بد من هذه التضحية، وبعد تسجيلها في بورصة “ناسداك”، خرجت جوجل إلى حلبة اللاعبين الكبار، وفي وسط المعركة، ستتراجع كثير من المبادئ وسيمثل قادة الشركة دور الشياطين بُغية زيادة الأرباح والاستحواذ على قدر أكبر من الأسواق، وللحفاظ على الريادة وفتح أسواق جديدة،
وعلى الرغم من الخسائر الكثيرة التي تكبدتها في الأسواق الجديدة، فقد تحولت الشركة الناشئة إلى عملاق يلتهم كل فكرة قد تكون مفيدة أو تهدد عرشه، وخرجت جوجل من هذه الحرب مُتخمة معدومة الشهية، لذا بدأ عصر من السلام يسود بين عماليق التكنولوجيا.
الفكرة من كتاب ملف غوغل
عند الحديث عن الشركات الأمريكية العملاقة، فلا داعي لذكر هيمنتها على القطاعات التي تعمل بها، لكن تأتي جوجل في مقدمة هذه الشركات بهيمنة مطلقة على بترول العصر الحديث، فلم يتوقف الأمر عند جمع البيانات وتصنيفها فقط، لكن قدرة جوجل على إزاحة منافسيها والإفلات من الرقابة والمحاسبة أصبحت واضحة، لقد أصبح محرك البحث إمبراطورية لا يغيب عنها شيء.
تلك الرومانسية التي رافقت جوجل في البدايات رضخت لقوانين السوق في النهاية، لكن المؤسسين لم يخفوا عنا أية نيات، لقد قالوا إن بغيتهم تغيير العالم، ولم نهتم بالسؤال كيف سيغيرونه، يوضح الكتاب إلى أي مدًى أصبحت جوجل نافذة ومطلعة على حياتنا اليومية، وتأثيرها في السياسة الأمريكية العالمية، إن جميع إنجازات ومنتجات العصر الرقمي تضعنا أمام خيار الرفاهة وتلبية الاحتياجات، مقابل تحويلنا إلى بشر زجاجيين لا يسترهم شيء.
مؤلف كتاب ملف غوغل
تورستن فريكه: وُلد عام 1963م، وتخرج في قسم الصحافة بجامعة ميونخ في ألمانيا، عمل نائبًا لرئيس تحرير صحيفة “Die Abendzeitung”، وكان الناطق الرسمي لشبكة Premiere ثم لشبكة Sky.
أولريش نوفاك: وُلد عام 1961م، درس الأدب الألماني وعمل محررًا وخبير تسويق لعديد من وسائل الإعلام، كما عمل استشاريًّا للعلاقات العامة في عديد من الشركات.
معلومات عن المترجم:
عدنان عباس علي: باحث ومترجم، وُلد بالعراق عام 1942م، وحصل على الدكتوراه في العلوم الاقتصادية من جامعة فرانكفورت عام 1975م، عمل أستاذًا في عديد من الجامعات العربية، من مؤلفاته:
تاريخ الفكر الاقتصادي.
التحليل الاقتصادي بين الكنزيين والنقديين.
ومن ترجماته:
صندوق النقد الدولي: قوة عظمى في الساحة العالمية.
نهاية عصر العولمة.
الرخاء المفقر.