فلسطين منذ النكبة إلى اليوم
فلسطين منذ النكبة إلى اليوم
بعد هزيمة القوات العربية في حرب 48 وتوقيع اتفاقيات الهدنة مع الكيان الصهيوني، فقد ترتب على ذلك النكبة الفلسطينية، حيث خسر العرب المساحة الأعظم من الأراضي الفلسطينية، وتم إعلان قيام دولة للكيان الصهيوني، إلى جانب تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من ديارهم، وبناءً على ذلك ذهب العديد من الباحثين إلى تصنيف النكبة الفلسطينية أنها إبادة جماعية، حيث تم محو كينونة الفلسطينيين كشعب، وتم تهجيرهم وطردهم من ديارهم ومنعهم من العودة إليها، كما تعرض كثير من المدنيين لقتل ممنهج عن طريق المذابح والمجازر الجماعية، كما تعرضت النساء الفلسطينيات للاغتصاب.
لم يقف المحتل الصهيوني عند حد إبادة الإنسان الفلسطيني، بل سعى أيضًا إلى تدمير المكان الذي يعد الحاضنة التاريخية والذاكرة الجمعية للفلسطينيين، فكل قرية كان يدخلها الصهاينة كانوا يدمرونها تدميرًا كليًّا أو جزئيًّا، فبناءً على إحدى الدراسات الميدانية عن “إبادة المكان” خلال النكبة الفلسطينية كانت النتيجة أن المحتل الصهيوني قام بتدمير 50% من القرى الفلسطينية الموجودة آنذاك، وقد حققت عملية التدمير للقرى غايتها من “التطهير العرقي”، حيث تم تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين وصل عددهم إلى نحو سبعمائة وثمانية وخمسين ألف لاجئ في الشتات خلال تلك الفترة!
وبذلك تحققت جميع أبعاد الإبادة الجماعية للفلسطينيين خلال النكبة من تدمير للمكان، والمذابح والمجازر الجماعية، إلى تقويض الكيان الفلسطيني الذي كان قائمًا، وتفكيك النسيج الاجتماعي الفلسطيني، وتهجير الفلسطينيين والتطهير العرقي لهم، ومحو اسم فلسطين من الخرائط!
كان قطاع “غزة” بعد النكبة الفلسطينية تحت الحكم المِصري، وكان الكيان الصهيوني يسعى جاهدًا لضمها بسبب ما تشكِّله غزة من خطر بسبب كثافتها السكانية، حيث عرض دافيد بن جوريون على لجنة التوفيق الفلسطينية التابعة للأمم المتحدة ضم قطاع غزة مع التزام الكيان الصهيوني باستيعاب سكان القطاع، وهو الأمر الذي رفضته مِصر في حينه، لكن المساعي الصهيونية لم تتوقف حيث كان من أهم الأسباب التي دفعت الكيان الصهيوني إلى المشاركة في العدوان الثلاثي على مِصر هو رغبته في ضم غزة إليه، وخلال احتلال الصهاينة لغزة قاموا بارتكاب العشرات من المجازر والتدمير للمنشآت، ولكنهم فشلوا في الاستمرار في سعيهم، وإلى اليوم تشكِّل غزة حجر عثرة أمام الصهاينة في تثبيت أركان المشروع الصهيوني.
الفكرة من كتاب الجريمة المقدسة.. الإبادة الجماعية من أيديولوجيا الكتاب العبري إلى المشروع الصهيوني
إن ما يعانيه الشعب الفلسطيني على يد الكيان الصهيوني ليس مجرد قتل عادي أو عشوائي، بل هو بمثابة قتل ممنهج مخطط له، والهدف من ورائه إلى تحقيق إبادة جماعية للشعب الفلسطيني من أجل تثبيت أركان المشروع الصهيوني في الأراضي الفلسطينية، ويعتمد المحتل الصهيوني في تطبيقه العلمي للإبادة الجماعية والتطهير العرقي على الكولونيالية الاستيطانية إلى جانب القصص والنصوص الواردة في الكتاب العبري “التوراة”.
مؤلف كتاب الجريمة المقدسة.. الإبادة الجماعية من أيديولوجيا الكتاب العبري إلى المشروع الصهيوني
عصام سخنيني، هو أستاذ التاريخ في جامعة البترا الأردنية ونائب المدير العام لمركز الأبحاث الفلسطينية في بيروت بين عامي 1971 و1978، وله العديد من المؤلفات التاريخية، منها: “فلسطين والفلسطينيون”، و”تهافت التاريخ التوراتي”، و”القدس.. تاريخ مختطف وآثار مزورة”، و”عهد إلياء والشروط العُمرية”، و”الإسرائيليات”.