فكرة التعود
تمثل العادات جزءًا أساسيًّا من حياتنا، ويمكن القول إنها تقود ما يقرب من نصف سلوكنا اليومي، وترجع أهميتها إلى كونها سبب تعلم الدماغ أنواع السلوك المعقدة، فالعادات تجعلنا نوجّه تركيزنا إلى أمور أخرى من خلال الاستعانة بردود الأفعال التلقائية المخزنة في دماغنا. وهذا ما تلعب عليه الأنشطة التجارية، فتعمل على دفع المستهلكين لاستخدام المنتج الخاص بها بشكل تلقائي.
وإن نجحت الشركة في خلق العادة ستتمكن من زيادة قيمة الشركة وأرباحها، وستضمن بقاء المستهلك مخلصًا لها حتى وإن رفعت ثمنها، كما ستُعتبر هذه العادات نفسها ميزة تنافسية، إذ سيصعب على المستهلك ترك المنتج الذي تعوَّده حتى وإن خرج منتج أفضل منه.
وهذا بالطبع أمر سلبي على المنتجات والابتكارات الجديدة، وأكبر دليل على ذلك هو استخدامنا لمحرك بحث غوغل، مع أن محرك “بينغ” يؤدي المهمة نفسها، وكل هذا لأننا اعتدنا الحصول على المعلومات من جوجل. وهذا يُحيلنا إلى أهم عامل يساهم في تحويل السلوك إلى عادة وهو أن يقدم المنتج فائدة للمستخدم.
وحتى تستطيع الشركة اختبار قدرة المنتج على تشكيل العادة، يجب أن تحدد تلك الفائدة وكذلك مقدار التكرار المطلوب لتكوين العادة. وإذا وُجِد أن هذا المنتج يُستخدم كثيرًا وله فائدة كبيرة، فيمكنه إذًا أن يُكوِّن عادة. ومن أجل اكتشاف نوع المشكلة التي يحلها المنتج والفائدة المرجوة، يجب أن يعرف المصممون، هل يصممون فيتامينات أم مسكنات؟”
والفرق بينهما أن المسكنات تلبي حاجة طبيعية بتخفيف الألم، على عكس الفيتامينات التي لا تحل مشكلة واضحة. وإن بحثنا عن إجابة السؤال السابق في شركة مثل فيسبوك، سنرى أنها في البداية كانت بمنزلة فيتامينات ثم تعودناها، وأصبحنا نشعر بانزعاج إن لم نستطع تحديث حالتنا مثلًا وهذه رغبة لم تكن موجودة عندنا، وهكذا تحول هذا التطبيق إلى مسكن للألم الذي خلقه.
الفكرة من كتاب استراتيجية التعلق: كيف تبني منتجات تولد عادات عند المستهلك
دعني أسألك،كم مرة قلت إنك ستتصفح الفيسبوك لمدة خمس دقائق فقط لتكتشف أنه مرت ساعة وأكثر؟ الحقيقة أنك لست وحدك، فقد تسلل سلوك تصفح وسائل التواصل الاجتماعي إلى الروتين اليومي لملايين من الناس، وهذا يرجع إلى قدرة هذه التقنيات على تكوين عادة لدينا لاستخدام منتجاتها بشكل تلقائي، والآن السؤال الذي يطرح نفسه هو “كيف؟”.
يُجيب الكاتب نير إيال عن هذا السؤال في كتابه بعد دراسة كبيرة وتعامل مباشر مع أكبر الشركات التقنية في العالم، استخلص منها الكيفية التي تكمن في ما أسماه “استراتيجية التعلق” ومراحلها الأربعة التي سيشرحها بالتفصيل.
مؤلف كتاب استراتيجية التعلق: كيف تبني منتجات تولد عادات عند المستهلك
نير إيال: كاتب ومحاضر ومستثمر أمريكي، حصل على درجة البكالوريوس من جامعة إيموري ثم حصل على ماجستير إدارة الأعمال بجامعة ستانفورد، وعمل مستشارًا في تصميم المنتجات لعدد من الشركات الكبرى.
من أعماله:
Indistractable: How to Control Your Attention and Choose Your Life
معلومات عن المترجم:
ألان علم الدين: ترجم العديد من الأعمال، من أبرزها:
تحويل الابتكار إلى أموال.
قاعدة الثلاث دقائق.