فقدان الأحبة ووجدان المحب

فقدان الأحبة ووجدان المحب
عندما يحدث لك ما يحدث، يعلق عقلك في حالة من الارتباك، فهو يحاول أن يفهم الموقف بالمقارنة مع المعلومات القديمة التي يمتلكها، فيأخذ معلومة “مات فلان” ليقارنها بما يعرفه، لكنه لا يجد أي مقارنة ممكنة، فكل ما يعرفه هو حياة كانت تشمل الشخص الذي مات، وبذلك لا تنسجم المعلومة مع معرفته، ويبقى الحدث معلقًا، ولا يتمكن عقلك من تفسيره.

ولهذا سيبحث عقلك عن طرائق لتبسيط الحدث حتى يفهمه، فقد يعيد عليك مشهد الموت أو الحادثة التي تسببت في خسارته، أو يستخدمها في أحلامك بشكل مباشر أو رمزي، ومن المتوقع أن تؤثر هذه المحاولات في قدرتك على الذاكرة والتركيز، بالإضافة إلى ذلك، سوف تشهد تغيرات عدة في جسدك، فقد أثبتت الدراسات أن تجربة الفقد تغير من كيمياء الجسد وتؤثر في الصحة، فقد تشعر بارتفاع أو انخفاض في ضغط الدم، أو صعوبة في النوم، أو فقدان في الشهية أو زيادة فيها، أو مشكلات في الهضم، أو تسارع في ضربات القلب.
ومن الطبيعي أن تشعر بالقلق في هذه الظروف، فقد تأتيك نوبات قوية تشعر فيها أنك أو أحباءك في خطر محدق، ومن الطبيعي أن تطاردك فكرة أن الموت سيعود من جديد وأن الحادث سيتكرر، كل ما عليك فعله في مثل هذه المواقف هو أن تركز على تنفسك لبضع دقائق، محاولًا أن تزفر ببطء، وسرعان ما تجد نفسك مسترخيًا، وبعد ذلك عليك أن تؤكد لنفسك أنك بخير، صحيح أن الدنيا ليست آمنة، ولكنها ليست خطيرة أيضًا، أنت بخير الآن وهذا يكفي، وإذا حدث أي شيء في الغد، فثق بنفسك أنك ستحسن التصرف.
الفكرة من كتاب لا بأس إن لم تكن بخير: مواجهة الحزن والفقد في ثقافة لا تفهم
في الأيام الأولى التي تلي فقدان شخص عزيز عليك، أو الإصابة بإعاقة جسدية أو مرض مزمن، تبدو الحياة من حولك غريبة، كأنك في عالم آخر، لا تجد أي معنًى أو هدف لوجودك بعد الآن، كل ما تراه وتسمعه يذكرك بما فقدت، وبالأحلام والآمال التي انتهت معه، ولا تجد أي تعزية بأي شكل من الأشكال، لا في كلمات من حولك أو حتى كتابات المتخصصين.
لهذا تمد لنا ميجان يد العون، ترشدنا في هذه الفترة بعد أن مرت هي الأخرى بتجربة مماثلة شاهدت فيها شريكها يموت غرقًا، وقضت أعوامًا من الألم والحزن والغضب والوحدة، تكتب لنا عما رَغِبَتْ أن تجده حينها، تكتب لنا عن الحقيقة، حقيقة الفقد، وحقيقة التجاوز، وتقدم لنا التعزية، تحاول ميجان هنا أن تخفف بعضًا من معاناتنا ووحدتنا، وتساعدنا على فهم ما نمر به سيكولوجيًّا، كما تقدم تشريحًا وافيًا لنظرة المجتمع إلى الفقد وكيفية التعامل معه، وتقدم أيضًا نصائح إلى الأهل والأصدقاء الذين يريدون مساندة من يعانون الفقد.
مؤلف كتاب لا بأس إن لم تكن بخير: مواجهة الحزن والفقد في ثقافة لا تفهم
ميجان ديڤاين: معالجة نفسية وكاتبة تهتم بمساعدة الناس على التعامل مع التحديات الحياتية في تجربة الفقد والحزن، لذا أنشأت موقعًا إلكترونيًّا يسمى “Refuge in grief”، حيث توفر الملاذ والدعم اللازم للأفراد الذين يمرون بتجربة الفقد، كما تقدم بودكاست بعنوان “It’s Ok That You’re Not Ok With Megan Devine”، تشارك فيه الحديث مع ضيوفها حول تجربة الفقد والألم والحياة، وقد ألَّفت كتابًا آخر حول الموضوع نفسه، وهو:
How to Carry What Can’t Be Fixed: A Journal for Grief
ملحوظة: لا توجد ترجمة عربية لهذا الكتاب.