فطرة المرأة بين الإفراط والتفريط
فطرة المرأة بين الإفراط والتفريط
إن من فطرة المرأة أن تحب الزينة والجمال، والقدر المعتدل من هذا الجمال لا بد منه، فليس هناك تعارض بين الالتزام والتقوى، والأناقة والاهتمام المعتدل بالمظهر والملبس، وليس مطلوبًا من المرأة المسلمة أن تكون خارج نطاق عصرها في لباسها فيما سمح به الشرع، ومع ذلك فإن كثيرين اليوم يتاجرون بالجانب المادي للمرأة، ويحصرون الاهتمام في حدود جسدها حتى أصبح الشغل الشاغل لها هو الزينة من رأسها إلى قدمها.
هذا التبرُّج ليس دليلًا على الحرية والتقدم كما يقال، بل هو سلوك رجعي موغل في التخلف، فكما يأتي في الآية: ﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ﴾، فالتركيز على المظهر يؤدي إلى ضحالة الاهتمامات وتحويل المرأة من إنسان إلى شيء أو سلعة، لأن زي الفتاة هو تعبير عن شخصيتها، والنظر إليها على أنها مجرد جسد، واعتبارها بلباسها وليس بخصائصها الإنسانية وجمال روحها وعقلها وشخصيتها هو احتقار لها.
ومن الآثار السلبية لذلك أيضًا التقليد الذي يجعل المرأة تستقبل ثقافة وافدة عليها لا يقرُّها الإسلام، والمسايرة العمياء لهذه المظاهر السطحية الكثيرة وسريعة التجدُّد، والذي يؤدي بالتالي إلى البذخ والإسراف والنزعة الاستهلاكية، بينما تعاني المرأة المسلمة والأمة الإسلامية في العموم ظروفًا صعبة كُتِب علينا مواجهتها وليس الفرار منها.
إن هم هذه الأمة عريض، والمرأة جزء من الحل، وعليها أخذ موقعها الذي تختاره بناءً وإصلاحًا وتعليمًا وعلمًا وحفاظًا وسيرًا إلى الله، فنحن بحاجة إلى المرأة المثقَّفة القارئة، وإلى المرأة المفتية الفقيهة فيما يخص قضايا المرأة مثلما كانت السيدة عائشة (رضي الله عنها)، والتحدي هنا يكمن في قدرتنا على التعامل مع الأشياء الصغيرة بحماس واعتبارها نجاحًا بذاتها يمهِّد لنجاح أكبر، فالكثيرون يملكون آمالًا عريضة وطموحات عالية، ولكنهم يخفقون في تحويلها إلى مجراها الحيوي المباشر، فتنعكس عليهم يأسًا وإحباطًا وعزوفًا عن العطاء.
الفكرة من كتاب بناتي
في رسالة لإحدى بناته، يعبِّر سلمان العودة عن تفهُّمه لآثار الظروف المحبطة المحيطة والنماذج السيئة التي تصد عن سبيل الله، والفهم المؤدلج الذي ضيَّق سعة الدين وغيَّب المفهوم الإنساني للحياة وللدين معًا، لكنه مع ذلك يؤكد أن العنف الذي يمارس باسم الله سواء كان أسريًّا أو اجتماعيًّا أو دينيًّا هو عدوانية شخصانية تدَّعي التديُّن بينما الدين رحمة وسماحة.
من هذا المنطلق يوجِّه العودة كتاب “بناتي” إلى البنات في كل الأعمار، ويطمح أن يصل إليهن سالمًا من العيب والنقص، فيقدِّم لهن النصائح من خلاصة تجاربه وملاحظاته الشخصية، لكنه كذلك يناقش سؤالًا مجتمعيًّا مهمًّا، ألا وهو: إلى متى نظل نصنع المقدِّمات الجميلة عن حقوق المرأة ومكانتها في الإسلام ثم نفشل في تطبيقاتها الميدانية اليومية الصغيرة في المنزل والمدرسة والسوق والمسجد؟
مؤلف كتاب بناتي
سلمان بن فهد العودة: داعية وعالم دين ومفكر إسلامي سعودي من مواليد عام 1956م في القصيم، وقد تخرج في كلية الشريعة وأصول الدين وحصل على الماجستير والدكتوراه في السُّنة، وعمل أستاذًا بالجامعة حتى تم إيقافه، حيث كان من أبرز من أطلق عليهم مشايخ الصحوة في الثمانينيات والتسعينيات، وشغل العديد من المناصب في المؤسسات والمجالس والجمعيات الخيرية الإسلامية.
عرف عن العودة استهدافه للشباب بمؤلفاته وبرامجه التلفزيونية، فقد ألَّف العديد من الكتب، مثل كتاب “رسالة الشباب المسلم في الحياة”، وكتاب “هموم فتاة ملتزمة “، كما قدم عددًا من البرامج عبر القنوات الفضائية مثل برنامج “الحياة كلمة”، وبعض البرامج عبر اليوتيوب مثل برنامج “وسم”، وبرنامج “آدم”.