فضل القرآن والسنة النبوية
فضل القرآن والسنة النبوية
لقد نظَّم القرآن للمسلمين حياتهم ووضع لهم منهاجهم وشرائعهم فاستنبطوا منه أصول علومٍ كالنحو والصرف والبلاغة وحتى علم الكلام مع كونه قد اعتمد على الفلسفة ولكن قسم السمعيات منه استمُدَّت أقسامه وأبوابه النظرية من القرآن، وخلاصة القول فإن هذا القرآن هو قوام حياة المسلمين، ففضلًا عن دفعه لهم دفعًا في ركب الحضارات فكان هو نفسه مقوِّم ألسنتهم حين تغلب عليهم لهجاتهم واللغات الأخرى، وهو الذي حفظ العربية من الذوبان في اللغات الأخرى وحافظ على هويتهم من الانصهار، ويرى الدكتور طه حسين أن ما وُجد في عصره من وحدة إسلامية عامة فبفضل القرآن، وما سبق ذلك فقد كان بالقرآن، وكذلك فلن يكون للعرب قيام من جديد إلا بالقرآن أساس الوحدة بين المسلمين في الماضي والحاضر.
وأما السنة النبوية الشريفة فهي الأصل الثاني من أصول الإسلام كما سبق أن قررنا، وما ثبت من سنة النبي (صلى الله عليه وسلم) فهو خلاصة دعوته وتبشيره ونذيره وتعليمه، فكان يفصِّل ما أُجمل في القرآن ويبيِّن ما أُشكل فهمه على الناس ويعلِّم الأمة كيف تقوم بما أمر الله من صلاة وزكاة وصيام، وكان يؤكد ما في القرآن كما في حديث جبريل الطويل من بيان للإسلام والإيمان والإحسان على أن القرآن فرق بين الثلاثة في مواضع مختلفة بحيث يمكن أن نقول إن هذه المعاني إن اجتمعت معًا اختلفت في معانيها، وإن جيء بواحد منها بمفرده فإنه يشمل معنى اللفظين الآخرين، وقد نُقلت لنا السنة النبوية اعتمادًا على روايتها مشافهةً، وكان الصحابة (رحمهم الله)، لا يتساهلون في قبول الروايات، بل اشترطوا لقبول الحديث أن يشهد اثنان من عدول المسلمين أنهم سمعوا هذا الحديث أو رأوا النبي (صلى الله عليه وسلم) يفعله، ولكن الخلافات التي نشبت بعد ذلك بين المسلمين دفعت بعض الناس لوضع الحديث والكذب على الرسول (صلى الله عليه وسلم) كما يقول الكاتب، فإنه يجب على المسلم أن يحتاط قبل الأخذ بحديث فيعرضه أولًا على القرآن وسيرة النبي (صلى الله عليه وسلم)، وهو عمل الصحابة أنفسهم والتابعين.
الفكرة من كتاب مرآة الإسلام
يمر عالمنا العربي المعاصر بمرحلة ركود طويل حاول معها رواد الفكر وأعلام النهضة أن يخرجوا بأمتهم من ذلك الركود مرارًا، واختلفت المسالك والمناهج في ذلك واضطربت الأقدام وتعثَّرت الخطوات، ومن بين أولئك الذين حاولوا استنهاض الهمم للحاق بركب الأمم الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي، وكانت كتاباته تثير جدلًا واسعًا حتى شهدت حياته حدثًا فريدًا ومختلفًا غيَّر من بوصلته ووجهته، فما ذلك الحدث؟ وما الذي دعا إليه طه حسين؟
يجد القارئ في كتاب “مرآة الإسلام” عرضًا مكثفًا للسيرة النبوية ولأصول الدين ممزوجًا بعبارات اعتبرها البعض مراجعة فكرية لطه حسين وإيابًا روحيًّا له.
مؤلف كتاب مرآة الإسلام
الدكتور طه حسين: ولد بمحافظة المنيا بصعيد مصر سنة 1889م، وفقد بصره في سن مبكرة، وتتلمذ على يد شيوخ الأزهر الشريف، ثم التحق بالجامعة المصرية الأهلية سنة 1908م، وكان سفره إلى فرنسا سنة 1914م، ثم رجع إلى مصر سنة 1919م، وتُوفِّي أول يوم عيد الفطر، الثامن والعشرين من أكتوبر سنة 1973م، ومن مؤلفاته: “الأيام”، و”التوجيه الأدبي”، و”مستقبل الثقافة في مصر”.