فساد عاطفة التدين
فساد عاطفة التدين
ترسخت في الأذهان بعض المفاهيم المغلوطة التي أفسدت التدين بمفهومه الصحيح، وتكمن هذه المفاهيم في المبادئ التي خلفها بعض المتصوفين في الحياة العامة وخلطوا بها أهم وجوه النشاط الديني، وهذه المبادئ لا تزال باقية إلى اليوم وخطرها يكمن في أن بعض العامة الذين قد يظنون أن التدين الطيب يكون عند هؤلاء الصوفية في تراثهم الذي خلفوه، كما يقول الكاتب، ولكن تراثهم ليس بالصحيح كله، فهو لا يخلو من الغلو والغذاء المسموم.
ويذكر الغزالي قول أحد العلماء وقد وقف على مجلس للصوفية وسأل شيخهم: ما حكم من سها في صلاته؟ فقال: عندنا أم عندكم؟ فاستغرب السائل واستطرد المفتي الصوفي يقول: عندكم سجدتان، أما عندنا فيضرب مائة سوط ويطاف به في الأسواق، ويقال: هذا جزاء عبد أساء الأدب في حضرة سيده.
فهم بذلك أشبه بالدابة التي قتلت صاحبها في حرارة الإخلاص له والدفاع عنه. إن هذا الغلو والتعصب هو ما يفسد علينا التدين، فمن منا لا يسهو في صلاته؟ النبي – صلى الله عليه – نفسه لم يرَ أن السهو في الصلاة مفسدة وأمرنا إذا سها المسلم عن شيء فيجبره بسجدتين، أما ما يفعله بعض الصوفية فهو عين الفساد، فقد انتهى عصر تراثهم وانقرض رجاله، ولكن بقاياه ما زالت شائعة في مواريثنا.
الفكرة من كتاب الإسلام والطاقات المعطلة
“إن السر في التصدع النفسي والعقلي الذي جعل طاقات أمتنا معطلة، وجعلنا كالغرباء في أرضنا.. السر في هذا التبلد هو عدة رواسب تكونت على مدى القرون”..
يقف بنا هذا الكتاب على جوانب مختلفة يقارن فيها الغزالي بين طبيعة الدين وواقع الأمة، يبرز فيه المرض ويشخص الدواء، لنقف على أسباب جمود الأمة الإسلامية وسر كبوتها، وكيف تنطلق كيف تتحول من أمة لا تحسن الاستفادة من كنوزها المادية والأدبية إلى أمة فعالة نشطة تمتلك في قبضة يديها رخاء العالم كما كانت أولًا..
مؤلف كتاب الإسلام والطاقات المعطلة
محمد الغزالي (1917 – 1996): عالم ومفكر إسلامي مصري، ويعدُّ من المفكرين والدعاة المجددين الذين حاربوا التشدد والغلو في الدين.
تخرج في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، وتخصص بعدها في الدعوة والإرشاد، ولُقب بـ”أديب الدعوة”، وتقلَّد عدة مناصب بالأزهر ووزارة الأوقاف، كما عمل أستاذًا بالتدريس الجامعي في جامعات عدة في مصر وقطر والسعودية والجزائر، ونال العديد من الجوائز أبرزها: جائزة الملك فيصل للعلوم الإسلامية.
ألف عددًا كبيرًا من الكتب في تجديد الفكر الإسلامي والأخلاق والآداب الإسلامية ومحاربة التعصب، منها:
جدد حياتك.
خلق المسلم.
سر تأخر العرب والمسلمين.