فخ المقارنة.. والتربية السليمة
فخ المقارنة.. والتربية السليمة
هناك نوع من الأسى يحدث عندما يقع المرء في فخ مقارنة حياته في الماضي بالحاضر، فلطالما يظن أن الماضي كان أفضل، والحل هنا أن تتوقف عن المقارنة، فإنك عندما ننظر إلى لوحة وتقارنها بأخرى، فإنك لا تنظر إلى أي منهما أصلًا، بل تنظر إلى ما ينقصهما فقط، لذا فعندما تغيب المقارنة يصبح الذهن خارق الكفاءة، بالإضافة إلى ذلك فلا ينبغي أن يعبد المرء النجاح ويسعى وراءه لاهثًا، فالمنافسة باستمرار على القمة حتمًا لن تخلق إلا العداء والحسد.
يرى الكاتب أن التربية الصحيحة هي أن يفهم المرء ذاته، وهي أهم من تربية جمع المعلومات والمعرفة، لأنه من دونها يكون ما سواها تهرّبًا دائمًا من النفس يؤدي إلى بؤس متفاقم، ولا شك أن التربية الحالية تقوم على مجرد المعرفة لأجل الارتزاق والوظيفة، وحدوث ذلك دون فهم النفس يؤدي إلى القسوة، وفهم الذات يكون بالعلوّ فوق تلك العوائق التي اختلقها المرء لذاته ليتشبث بأمانه الوهمي، والمرء لا يريد لنفسه أو حتى لأولاده أن يعيشوا حياة عبثية كالآلات في المنظومة، بل يريدهم ذوي فطنة، لذا فالمعرفة التي نتعلمها منذ الصغر ينبغي أن تُوظف لفهم الحياة لا لمجرد الاسترزاق.
يجب كذلك أن تحب ما تفعله، ولا تفعله لمجرد الارتزاق أو الفوز باعتراف من حولك، وإياك أن تخشى من عدم الارتزاق أو الانخراط في هذا المجتمع، لأنه إن حدث ذلك فلن تجد ما تحبه أبدًا، ولا تعتمد تمامًا على التعليم الحديث لأنه فاشل بالمعنى الحقيقي، والدليل على ذلك أن قادة العالم المتعلمين لم يتمكنوا من إنهاء الحروب بل تسببوا بها، وكذلك المعرفة العلمية التي برغم أنها أصبحت كافية لتوفير الطعام والمأوى لجميع البشر، فإنه حتى الآن لم يتم الأمر.
الفكرة من كتاب ماذا أنت فاعل بحياتك؟
إننا نعيش هذه الحياة بكامل لحظاتها المتنوعة بين السعادة والبؤس، والأمان والخوف، والسلام والحروب، فنرى أن البؤس منتشرٌ أكثر، والقلق هو آفة العصر بأكمله نتيجة لنظام عالمي جعل الإنسان قلقًا بشأن كل شيء تقريبًا، ماضيه وحاضره وبشكل خاص مستقبله، لكن ما الحل إذًا؟ هل يكمن في محاولة فهم الحياة أم تقبلها كما هي؟
في الحقيقة، قد تصعب الإجابة على ذلك السؤال، لكن قد نصل إلى أننا البشر قد تفننا في اختلاق مهارب عديدة من مآسينا، ثم غرقنا في فخ المقارنات ومحاولة السيطرة على كل شيء تقريبًا، وهذا ما جعل الكاتب يتوصل إلى حلٍّ ما، حل مرتبط للغاية بفهم الذات.. فكيف يكون ذلك؟
مؤلف كتاب ماذا أنت فاعل بحياتك؟
جدو كريشنامورتي (1895- 1986)، فيلسوف وكاتب هندي، هدف في كتاباته ومحاضراته إلى البحث في العقل والعلاقات والمجتمع، وارتباط التغيير بين المجتمع والفرد، وقد استطاع التأثير في ملايين الأشخاص في رحلاته حول العالم، كما ألّف نحو خمسة وسبعين كتابًا، وسبعمئة شريط صوتي، وبيعت أكثر من أربعة ملايين نسخة من كتبه، ومن أهم مؤلفاته:
يقظة الفطنة.
الحرية الأولى والأخيرة.
التحرر من المعلوم.
معلومات عن المترجم:
ديمتري أفييرينوس، كاتب ومترجم يوناني من أم سورية، مما أكسبه قدرة على اكتساب اللغة العربية وترجمة العديد من الكتب والمؤلفات إليها، كما أنه عمل باحثًا في العلوم اليونانية والتعرف على الأديان.