فتح الإسكندرية
فتح الإسكندرية
وضع عمرو فى الحصن قوة من المسلمين عليهم “خارجة بن حذافة” وسار شمالًا إلى الإسكندرية، فلقي الروم فى مدينة “كريون” آخر الحصون بين بابليون والإسكندرية، وكان قتالًا عنيفًا استمر بضعة عشر يومًا حتى انتصر المسلمون، ثم ساروا نحو الإسكندرية لا يلقون كيدًا حتى وصلوا إليها، فعسكروا حولها شهورًا عدة ولم يتم لهم الأمر بسبب حصونها المعقدة.
ماتت دولة الروم إكلينيكيًّا بعد موت قائدها هرقل، إذ تنازع ولداه قسطنطين وهرقلوناس على الانفراد بالحكم، وكان هرقلوناس ابن الإمبراطورة مرتينة التي أرادت أن يستتب الأمر لابنها، أما قسطنطين فكان أكبر الأخوين وآثرهما عند الناس، وقد أعاد قيرس من منفاه ليستشيره في أمور مصر، وكانت مرتينة تلح في إرجاعه لأنه كان ممالئًا لها.
وقد عزم قسطنطين على إرسال الأمداد لانتشال مصر من حكم العرب، إلا أنه مات قبل أن يتم الأمر بعد أن حكم مئة يوم فقط، فتقدم أنصاره وبايعوا ابنه قُنِسْطَنْس شريكًا لهرقلوناس فى الحكم، فانقسم جيش الروم إلى قسمين، قسم من أنصار مرتينة وقسم من أنصار قنسطانز، ونشأت الحرب بينهما حتى اشتغلوا عن قتال العرب.
خلال تلك المتغيرات، أقر هرقلوناس قيرس فى حكم الإسكندرية وأباح له أن يصالح العرب ويقضي على كل احتمال للقتال فى ذلك البلد، فعقد الصلح مع عمرو بن العاص فى نوفمبر سنة 641م، وأقروا هدنة مدتها أحد عشر شهرًا يرحل فيها من أراد الرحيل ويحمل ما شاء من المتاع، ولم يدخل المسلمون المدينة إلا بعد انتهاء الهدنة.
ويرى الكاتب أن قيرس خان بلاده ولمح إلى أنه ربما أسلم وأخفى إسلامه، لأنه سلمَّ المدينة للعرب في حين كانت قادرة على الصمود سنتين أخريين، إلا أنه كان خائنًا من البداية منذ سعى للصلح في بابليون.
بعد الإسكندرية فُتحت أغلب بلاد الساحل ومصر السفلى، بعضها عنوة وبعضها صلحًا، حتى سيطر العرب على منافذ النيل إلى البحر، ثم ساروا إلى برقة ففتحوها صلحًا ثم طرابلس التي فُتحت عنوة بعد حصارها، وعاد عمرو إلى بابليون سنة 643م.
الفكرة من كتاب فتح العرب لمصر
كثيرًا ما تتضارب الأقوال عندما يتعلق الأمر بفتح بمصر، فالبعض يذكر أنها اغتصبت قهرًا من المسيحيين، والبعض يذكر أنها خُلّصت من بطش الروم، والبعض يلمِّح إلى اتفاقيات تمت سرًّا للإيقاع بمصر فى يد عدوها، سواء كان العدو من العرب أم الفرس أم من الروم أنفسهم.
يحاول ألفريد بتلر فى هذا الكتاب أن يجمع كل دليل يحصل عليه من كتابات القبط القدماء أو العرب أو ممن عاشوا فى تلك الحقبة الهامة، منذ صعود هرقل إلى حكم الروم مرورًا بسيطرة الفرس على الشام ومصر بعد انقلاب موازين القوى، ثم استعادتهما من جانب الدولة الرومانية، حتى دخول العرب وحلقات الصراع الطويلة التى انتهت بإخضاع الإسكندرية سنة 654م.
محاولًا تفنيد القول المزعوم بأن القبط رحبوا بالعرب كمناقشة أولى فى كتابه، ويتطرق أيضًا إلى تبرئة العرب من اتهامات لحقت بهم مثل حرق مكتبة الإسكندرية، لكنه يرميهم باتهامات أُخرى.
مؤلف كتاب فتح العرب لمصر
ألفريد بتلر : مؤرخ بريطاني، درس بأكسفورد وحصل على زمالة كلية براسينوز عام 1877م والدكتوراه عام 1902م. اهتم بالتاريخ المصري وكتب فيه مؤلفات عدة، منها:
الكنائس القبطية القديمة في مصر.
الحياة الملكية في البلاط الملكي.
معلومات عن المترجم:
محمد فريد أبو حديد: كاتب مصري راحل، تخرج عام 1914م في مدرسة المعلمين العليا، وكان من مؤسسي مجلة الثقافة حتى أصبح رئيسًا لتحريرها، واشترك في إنشاء لجنة التأليف والترجمة والنشر عام 1914م، ثم في إنشاء الجمعية المصرية للدراسات الاجتماعية عام 1937م، وله مؤلفات عدة، منها:
صلاح الدين وعصره.
أمتنا العربية.
أبو الفوارس عنترة بن شداد.