فانون ونظام الحكم
فانون ونظام الحكم
إن أكثر دول إفريقيا الآن يسودها إما حكم الجيش وإما حكم الحزب الواحد، وهو ما يراه فانون الشكل العصري للسلطة البرجوازية، ويرى أن جميع الأحزاب المعارضة ذات النزعة التقدمية والاتصال الجماهيري والرغبة في إشراكه في السياسة العامة – قد زُجَّ بها في السجون بتُهم ملفقة أول الأمر، ثم أُجبرت على ترك النشاط ثم معاودته في السر والتزام الصمت!
ويرى سارتر أنه ليس في وسع الطبقة الاجتماعية أن تحكم، إلا إذا كانت موحدة وصغيرة نسبيًّا كالبولشفيك أو الكاسترويين في كوبا؛ فالجماعة لا تتفق وجمود وأنانية السلطة بعد انتهاء مرحلة المثالية الثورية، يقول سيكوتوري: “إن الحزب يمثل أفكار شعب غينيا في أعلى مستوياتها وأتم أشكالها”، ويعلِّق المؤلف أن دول الكونغو وغانا ونيجيريا ومالي وغيرها من دول إفريقيا تولدت حكوماتها من رحم انقلابات عسكرية، أما الدول العربية فيصعب التمييز فيها بين الحكم المدني والعسكري.
وقد تمنى “فانون” أن يتشكل حزب ثوري أصيل قاعدته الأساسية من الفلاحين، وكان معارضًا لسياسات الحكم الفردي والزعيم المقدس -الذي يصفه أحدهم برئيس شركة تضم منتفعين ينتظرون جني الأرباح- وتنبأ بأن اشتداد ضغط دكتاتورية الحزب الواحد يزيد المعارضة الجماهيرية، ويصبح الجيش هو الفيصل بين الجانبين، ويقول فانون بوجوب الفصل بين الحكومة والأحزاب؛ لتكون الأحزاب وسيلة لتلبية احتياجات الشعب دون أن يشارك في الحكم؛ ومن ثم لا ينبغي أن تكون مركزية بل مكانها الأقاليم المحلية، ولم يكن فانون فوضويًّا يرغب في القضاء على المؤسسات الإدارية والسياسية بل يريد أن تتولى القواعد الشعبية خدمة المجتمع.
لقد ظل فانون يعتبر كل حركة ثورية في العالم الثالث خطوة جيدة لمجابهة الاستعمار القديم والجديد، وينادي بوحدة العالم الثالث لتحقيق ذلك، والعالم الثالث عنده هو الدول الفقيرة غير الصناعية التي تمثل حالتها إهانة للفكر الشيوعي الماركسي، ويرى أن حضارة أوروبا وثرواتها فضيحة مخزية لأنها جمعتها من تسخير العرق الأسود، ودول أوروبا مدينة بالكثير للعالم الثالث الذي يجب أن ينتزع دَينه لا أن ينتظر تسديد أوروبا لديونها!
الفكرة من كتاب فرانز فانون.. سيرة فكرية
إنَّ سيرة فرانز فانون تثير الإعجاب والدهشة، لأنها معروفة لدى الأوروبيين أكثر من سكان العالم الثالث والسُّود الذين تبنى “فانون” مشكلاتهم وناضل لأجلهم، وتبعث سيرته على الألم، لأن الاستعباد والتمييز اللذين حاربهما ما زالا ضاربين بجذورهما في ذلك العالم وإن تحورت أشكال العبودية قليلًا.
في هذا الكتاب يعرض لنا الكاتب والمؤرخ ديفيد كوت سيرة الطبيب والفيلسوف الاجتماعي الفرنسي فرانز فانون، الذي عُرف بنضاله من أجل الحرية وضد التمييز والعنصرية.
مؤلف كتاب فرانز فانون.. سيرة فكرية
ديفيد كوت (David caute): مؤرخ وروائي وصحفي بريطاني، وُلد في الإسكندرية عام 1936، ودرس في أكاديمية إدنبره ثم كلية سانت أنتوني في أكسفورد، شغل “كوت” مناصب أكاديمية عدة وعمل أستاذًا زائرًا في جامعات كولومبيا ونيويورك، ورئيسًا مشاركًا لنقابة الكتاب في بريطانيا العظمى، وزميلًا في الجمعية الملكية للأدب.
من أبرز مؤلفاته:
The Essential Writings of Karl Marx
Under the Skin (The Death of White Rhodesia)
Isaac and Isaiah: The Covert Punishment of a Cold War Heretic
معلومات عن المترجم:
عدنان كيَّالي: كاتب ومترجم، له عدد من المقالات والتراجم منها: موسوعة العناية بالطفل.