فاعلية الحياة
فاعلية الحياة
يرى يوسف إدريس أنه ما من كاتب إلا وشغل خاطره فكرة إنهاء حياته، فهو ينظر إلى حياته كما ينظر إلى عمله الفني تمامًا، ويجعل من رحلته في الحياة قصةً هو بطلها، ومن ثم فلا غرابة أن يريد كتابة نهاية لقصته كما يحب وكما يجب أن تكون، ولكي تكون النهاية ذات معنى وتحمل في طياتها شيئًا ما، فالكاتب المبدع يتفنن في إنهاء قصة عمله الفني وهو كذلك في قصته الحياتية، فكلتا النهايتين عنده نهاية إرادية تقع عندما يشعر بأن القصة يجب أن تنتهي هنا وبهذه الكيفية لا بأي صورة أخرى.
إننا نعاني تراكم المؤلفات غير المؤثرة والتي لا تقرع أذهان القراء بل لا يكاد القارئ ينتهي منها إلا ويخرج من قراءته كما دخلها! ولو نظرت -عزيزي القارئ- لوجدت أن قلة قليلة جدًّا من المؤلفات هي التي أثرت في الجنس البشري على مدى التاريخ، أما غير ذلك فلا يزيد على كونه “ضجيجًا مرسومًا على الورق لا يُسمن ولا يُغني من جوع”، فالعمل الأصلي -لا الزائف- تُقاس قوته بمدى فاعليته أو ما يُسمى بفاعلية الكتابة وليس بمهارة أو “صنعة” الكاتب وحرفته، فلا تكون الكلمات مجرد كلمات بل تكون عملًا صادقًا لا بديلًا عن العمل، أي إن المؤلف يكتب أعماله بنفس صادقة وخالصة تغير في الناس تغيرات حقيقية بدلًا من إلهاب الحماس بكلمات لامعة فحسب. ولتوضيح ذلك فإن الشاعر حين يكتب قصيدته عن المقاومة يجب أن تكون هي بذاتها عملًا فدائيًّا، بحيث تكون فاعلية القصيدة هي نفس فاعلية العمل الاستشهادي وروح القتال والمقاومة إن لم يكن أكثر منه.
إن الحياة كالعمل الفني تمامًا، إما أن تكون صادقة وإما أن تكون ضربًا من الدردشة و”الرغي” مصوغة في أجمل مظهر لكنه فارغ الجوهر، وهذا هو سر نجاح الإنسان الآسيوي وبخاصة في اليابان، إذ تجد عندهم احترامًا لقيمة الزمن فلا تسير حياته هكذا عبثًا بل وفق خطة محكمة يدبر لها من ميزانيته، ويعرف بدايتها ومتى ينتهي منها، بخلاف عالمنا نحن الذي يسير كما لو أنه “خارج نطاق الزمن”.
الفكرة من كتاب اكتشاف قارة
مقدِّمة
في رحلة الدكتور يوسف إدريس إلى آسيا لحضور أحد المؤتمرات والتعرف على ثقافة المنطقة وحضارتها كتب هذا الكتاب ناقلًا لنا مشاهد تلك القارة وخصائصها وطباعها وشخصية أهلها، وهو على ذلك يعقد مقارنات بينها وبين الشرق الأوسط والغرب، فلا يتحدث عن معالم الأمكنة والمزارات بل عن الإنسان نفسه؛ فيمزج التاريخ بالحاضر ليتنبأ لنا بالمستقبل.
مؤلف كتاب اكتشاف قارة
يوسف إدريس (1927- 1991): روائي وكاتب وصحفي مصري، درس الطب وعمل طبيبًا بقصر العيني، ثم صحفيًّا بجريدة الجمهورية ثم بالأهرام، حصل على وسام الجمهورية 1963م، وله رحلات إلى مختلف بلدان العالم.
ألف العديد من الكتب، ومن أبرزها:
البطل.
نيويورك 80.
شاهد عصره.
أرخص ليالي.
أهمية أن نتثقف، يا ناس.