فائدة الصراع
فائدة الصراع
العظماء الحقيقيون في الحياة ستجد لهم الكثير من الأعداء، فرحلة الخير والوقوف ضد الشر تقتضي وجود أعداء، فالخير قد يكشف للبعض مساوئهم وعيوبهم ويجعلهم يحاولون الانتقام منك لتختفي دعوتك أو لتصبحوا سواسية، فوجود أخيار بجانب من يفعل الشر يقلقهم ويهزُّ رضاهم عن أنفسهم، ولتتأكَّد من هذا تأمَّل في قوم سيدنا نوح وسيدنا عيسى وسيدنا محمد، وكل الأنبياء والصالحين ستجد لهم الكثير من الأعداء، وحتى في المجتمعات الغربية ستجد غاندي ومانديلا وغيرهم الكثير.
فهذه هي سنة الله في الأرض؛ وجود الشر والخير معًا لنتعلَّم، ولهذا يجب أن نعلِّم أبناءنا أيضًا ونؤهِّلهم إلى دخول المعارك منذ صغرهم سواء معنا أو مع أقرانهم لأن هذا يدرِّبهم ويعطيهم صورة مصغَّرة عن الأحداث التي سيواجهونها في المستقبل.
وإذا جنَّبناهم كل الصراعات على أمل أن يكونوا هادئين مسالمين، للأسف هذا يعوقهم عقليًّا واجتماعيًّا ويجعلهم أكثر خوفًا وهربًا، وهذا لا يحقِّق لهم الغرض من وجودهم في الحياة.
فعلى عكس ما نظنُّه فالأعداء تفيدنا وتكشف لنا عيوبنا وتجعلنا أكثر انتباهًا لئلا نخطئ، ورغم أن لوجودهم فائدة فإن هذا لا يعني تركهم والاستسلام لهم، فقد يصل أذاهم إلى أن يتركوا الأفكار والمبادئ والأفعال التي تنادي بها يؤذونك أنت في شخصك ويلاحقونك بكل ما يحبط ويثبِّط من عزيمتك، وانتقامك منهم يجب أن يكون بتصليح عيوبك التي يلاحقك بها لا بإنكارها، وهذا يجعلك ترتقي ولا تسقط كما أراد.
والأهم من كل ذلك ألا يثنيك وجود الأعداء عن طريقك ولا يشكِّك بالخير الذي تفعله، وأن تتسلَّح لمعاركك القادمة لأنها آتية لا محالة.
هل تعلم أن المدة التي ظهر فيها الدين ثم استطاع بعدها أن يتغلَّب على أعدائه في فارس والروم هي ثلاثة عقود! هذه المدة فقط جعلت من سكان الصحراء ملوكًا للدنيا، وهذا تطلَّب منهم عقيدة راسخة، وتخطيطًا عظيمًا وسيفًا وقوة، وكانت استراتيجية النبي هي جعل كل شخص يؤمن بنفسه بعد إيمانه بالله؛ لذلك كان من الصعب كسرهم، كانوا يدركون واجباتهم كحكَّام وحقوقهم كمواطنين لا يقبلون أن يتم خداعهم.
الفكرة من كتاب أنبياء كذبة
يبدأ الإيمان بـ”لا إله إلا الله” وهي دعوى إنكار الألوهية ورفضها لأي إله سوى الله، أي أن الإيمان بالله يبدأ بالكفر بما سواه، وهو ما أدركه كريم الشاذلي بعد رحلة طويلة من الأمل ودعوة الناس للحلم؛ لكن عندما ظهرت نهاية الحلم وكانت فاسدة ومخيِّبة للآمال، اتُّهم الشاذلي بأن دعوته للتفاؤل كانت مضللة للناس، وبعد تفكير اكتشف خطأه وأقرَّ به، ومن هنا أدرك أنه لنبني واقعًا جميلًا يجب أن نهدم الأساس الفاسد، ولنؤمن بشيء تمام الإيمان يجب أن نكفر بما يعاكسه، إذن الكتاب دعوة للتحريض على رفض أخطاء سلبيات الواقع، فكما أن الخير له دعاة وأنبياء، الفساد أيضًا له رهبان وأنبياء يعرفون ثغرات النفوس ويغرسون الأفكار السلبية والفاسدة ويعطِّلون قدرتك على الانتقاد والرفض ويغلِّفون كل هذا برداء الدين، فقبل الحديث عن أي بداية أو خطوة جديدة، أو أمل وتفاؤل يجب علينا مواجهة أسباب فشلنا وضعفنا، ورفض من سرق منا الحلم وصمَّم على توريثنا الذل نحن ومن يأتي بعدنا وجعلنا جيلًا مسخًا.
مؤلف كتاب أنبياء كذبة
كريم الشاذلي: كاتب وإعلامي وباحث ومحاضر في مجال العلوم الإنسانية وتطوير الشخصية، استطاع في مدة قياسية أن يصل إلى أكثر من نصف مليون قارئ عربي من خلال 15 كتابًا مطبوعًا، وقد تُرجِمَت كتبه إلى العديد من اللغات، وقد تقلَّد منصب مدير عام دار أجيال للنشر والتوزيع، وأعطى محاضرات في جميع جامعات مصر، وحلَّ ضيفًا على كثير من البرامج التلفزيونية في الدول العربية.
من أبرز مؤلفاته: “امرأة من طراز خاص”، و”الإجابة الحب”، و”اصنع لنفسك ماركة”، و”جرعات من الحب”، و”أفكار صغيرة لحياة كبيرة”، و”إلى حبيبين”.