غياب التعاطف
غياب التعاطف
يعد الانفتاح شيئًا مهمًّا للغاية من أجل نجاح العلاقات، والانفتاح لدينا نحن البشر يتعلق بإرسال إشارات ترحيبية من خلال تعابير الوجه، وحركات اليدين، والجسم، ولكن هل سبق وتخيلت كيف سيؤثر غياب تلك التعابير في التواصل الرقمي بك؟ يفشل العالم الافتراضي في تلبية أهم احتياج بشري وهو التعاطف، فالمسافة التي يفرضها الفضاء الافتراضي تخلق ظروفًا تزيد من احتمالية إساءة الناس تجاه بعضهم بعضًا، وتتضاءل الخيارات التي أمامنا، ومن ثم يسلبنا العالم الرقمي ردود الأفعال البشرية، فأنت تكتب رسالة وترسلها دون إظهار تعابير وجهك، كرفع الحاجب، أو هز الرأس، أو الابتسام، وتلك الإيماءات يعمل عليها العقل اللا واعي لتحقيق التواصل بشكل أفضل، ولكن العالم الرقمي يسلب عقلك اللا واعي تلك القدرة المهمة له، لذا فإن التواصل الرقمي يشبه شخصًا يداه مكبلتان خلف ظهره.
تحتاج عقولنا اللا واعية إلى أن نجتمع وجهًا لوجه، كي تستطيع إيجاد الروابط العاطفية التي تتوق إليها، فنحن كائنات اجتماعية، وعندما نحرم صحبة رفقائنا لا نبلي بلاءً حسنًا، وعند الالتقاء المباشر نستطيع التحلي بالتعاطف بشكل تلقائي بفضل العصبونات المرآتية، ولكنها لا تستطيع العمل بالكفاءة نفسها على الإنترنت، لذا فإن العالم الافتراضي الذي كان من المفترض أن يزيد من ترابطنا قد زاد من عزلتنا، لأن محركاتنا العاطفية لا تعمل بشكل جيد مع الفضاء الافتراضي الفائق السرعة، إذ إن إظهار العواطف عمل يتسم بالبطء، كما اكتشفت الدراسات أنه كلما قضينا وقتًا على الهاتف المحمول، كنا أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.
وتُظهر أنماط المخ أن العواطف الإنسانية تتشابه، ولها البصمة العصبية نفسها، ولكي تعوض النقص الذي يشوب الارتباط البشري عبر الإنترنت، عليك زيادة جهدك المبذول للتحلي بالشفافية، والمصداقية العاطفية، بأن تكون أكثر وضوحًا مع ذاتك، بما تنويه، وما أنت بحاجة إليه، كما يجب عليك مطالبة الطرف الآخر بزيادة الوضوح العاطفي لديه، كي تستطيع فهمه، ويمكنك سؤال نفسك دائمًا عن علاقاتك، وما إذا كانت واضحة ومتسقة أم لا، وتذكر أن وجودك على الإنترنت يحتاج إلى أن تفي بأربعة معايير وهي الصدق، والوضوح، والاتساق، والشمولية.
الفكرة من كتاب هل تسمعني؟.. كيف تتواصل مع الناس في عالم افتراضي.
لربما يكون أفضل وصف لما نعايشه في القرن الحادي والعشرين، هو أننا نعيش في نصفين منفصلين أحدهما حقيقي، والآخر افتراضي، فعلى الرغم من أن القدرة على التواصل الافتراضي تعد تقدمًا كبيرًا، فإن لهذه التجربة التكنولوجية الضخمة جوانب سلبية، مثل مدى الانتباه الذي أصبح أقصر، وإدمان البقاء في العالم الافتراضي، والعلاقات التي أصبحت أكثر هشاشة، وكل هذا يدفعنا للتساؤل هل الفضاء الافتراضي أفضل اختراع مر علينا؟ أم أنه يحمل في طياته أسوأ ما قد يواجه البشرية؟ ويدور هذا الكتاب حول مشكلات التواصل الافتراضي، ويقارنها بالتواصل الواقعي، كما سيساعدك الكتاب على بناء وجهة نظر ومفاهيم جديدة لتتعلم كيف تعيش بشكل أذكى، وتتواصل بشكل مختلف، كي تستطيع الصمود في هذا العالم الافتراضي الجديد والجريء.
مؤلف كتاب هل تسمعني؟.. كيف تتواصل مع الناس في عالم افتراضي.
نِك مورجان : وُلِدَ عام 1953، وهو كاتب أمريكي، وواحد من أفضل الخطباء، والمدربين في مجال التواصل في العالم، حصل على دكتوراه في الأدب والبلاغة من جامعة برنستون، وله مئات المقالات التي نشرت في الصحف المحلية والوطنية، ويظهر بشكل متكرر على التلفاز، ويهتم بمساعدة الناس على الوصول إلى الوضوح والشفافية في طريقة تفكيرهم، وكيفية إيصالها ببراعة.
ومن أبرز أعماله:
Give Your Speech.
Power Cues.
Trust Me.