غروب الأخوات السبع.. قطاع أناني
غروب الأخوات السبع.. قطاع أناني
يمكننا الحديث طويلًا عن تلك الموجة من التأميمات الوطنية وعلاقتها بحركات التحرر من الاستعمار في دول الشرق الأوسط والعالم الثالث، لا شك في أن المشاعر والدعم الشعبي لعبا دورًا في تأجيج الغضب تجاه تلك الشركات، وأجبرت الحكومات الجديدة على اتخاذ إجراءات متطرفة تجاه تلك المؤسسات الأجنبية، لكن ما كانت تلك الموجة لتمر لولا عامل آخر أكثر أهمية، لقد كانت تلك الشركات العالمية على قلب رجل واحد في ما مضى، كان باستطاعتها تحديد السعر المناسب وفرضه على الحكومات الوطنية، ولن تستطيع تلك الحكومات أن تتفاوض على هذا السعر،
لأن تلك الشركات قد اتفقت مسبقًا على رفض عروض الحكومات جملة، بذلك لن تجد هذه الدول التي ترفض السيطرة أي زبائن لنفطها، لكن مع بداية السبعينيات خفت تلك القبضة شيئًا فشيئًا، وظهرت الشركات المستقلة التي أتاحت للدول النفطية كثيرًا من الأريحية والسعر العادل، لتمتلك الدول النامية سيطرة أكثر على نفطها في أخبار تبدو سعيدة لكنها حملت في طياتها كثيرًا من التفاصيل المزعجة.
لكن لماذا توجد مشكلة في تدفق كثير من الأموال إلى الحكومات عبر القطاع النفطي؟ لا شك في نمو الدول نتيجة لتلك الإيرادات النفطية المتدفقة، لكن هذا النمو لا ينعكس على القطاع الخاص، بل قد ينقل إليه بعضًا من المشكلات، إذ يمتلك قطاع النفط عديدًا من الخصائص التي تجعله في خصام دائم مع القطاع الخاص، فتمتلك الحكومات احتياطيات النفط في أراضيها وحق التنقيب عنها، وهذا يبعد القطاع الخاص من معادلة الربح، وتمتاز هذه الصناعة بالانعزال عن بقية الاقتصاد، فعادة ما ينشط البحث والتنقيب في مناطق معزولة جغرافيًّا واقتصاديًّا، فلا تسهم بشكل فعال في حركة الاقتصاد، ومن الطبيعي أن يحفز النمو في قطاع ما نموًّا في بقية قطاعات الاقتصاد، لكن القطاع النفطي في المعتاد لا يحتاج إلى كثير من المدخلات التي تنتجها الشركات المحلية، ليصبح القطاع الخاص بعيدًا عن هذا النمو إن لم يصبه بعض الانكماش لصالح الصناعة النفطية.
الفكرة من كتاب نقمة النفط: كيف تؤثر الثروة النفطية على نمو الأمم
يطيب للناس أن يتعاملوا مع اكتشاف الموارد الطبيعية، كالنفط وأشياء أخرى عديدة، على طريقة الفوز باليانصيب وبداية عصر الأحلام، غير أن الأمر يحتوي على مضاعفات وسيناريوهات بقدرتها أن تُحول الكنز الجديد إلى فخ متقن، حتى السياسيون لم ينجوا من هذا الفخ، بل سيطرت عليهم حالة من التفاؤل في بداية سبعينيات القرن الماضي إزاء التدفقات الضخمة التي توافدت إلى البلدان النفطية،
لكن ما الذي حدث ثم جعل تلك البلاد لا تحقق معدلات النمو التي كانت مرسومة لها؟ يبدو أن تلك الكنوز لم تكن نتائجها صافية كما بدا للمراقبين، وكانت تستدعي بعض الحذر والشك في التعامل مع إيراداتها بدلًا من الجشع والنهم الذي قُوبلت به، فماذا حدث لتلك البلدان ولماذا؟
مؤلف كتاب نقمة النفط: كيف تؤثر الثروة النفطية على نمو الأمم
مايكل روس: أستاذ بكلية العلوم السياسية ومعهد البيئة والاستدامة بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، حصل في عام 1996م على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة برينستون ثم عمل أستاذًا لها في جامعة ميتشجان حتى عام 2001م، تتناول أبحاثه الاقتصاد السياسي والديمقراطية والفقر والموارد الطبيعية في البلدان النامية، وقد حاز جائزة “Heinz Eulau” عن مقالته “النفط والإسلام والمرأة” من جمعية العلوم السياسية الأمريكية.
من أهم أعماله:
Oil, Islam and Women
Designing Fictions: Literature Confronts Advertising
Timber Booms and Institutional Breakdown in Southeast Asia
معلومات عن المترجم:
محمد هيثم نشواتي: مترجم بارز ومن أعماله:
الإسلام ضد الغرب: شكيب أرسلان والدعوة إلى القومية الإسلامية.
الحرب الصليبية الثانية: حرب الغرب المستعرة مجددًا ضد الإسلام.