غرناطة.. المملكة المتبقية
غرناطة.. المملكة المتبقية
ساد التفكك في الأندلس، وأصبحت كل مدينة بمثابة دولة لها حاكمها، وتجرأ النصارى على البلاد، وتدخلوا في أكثر شئون المسلمين السياسية، حتى إن بعض المسلمين كانوا يعاونون النصارى على إخوانهم في الحروب، ولا يخفى أيضًا أن بعض النصارى كانوا يعاونون المسلمين على التصدي للغارات المسيحية.
سقطت دولة الموحدين في 609هـ، وسقطت مدينة إثر مدينة في أيدي النصارى، وتمزَّقت مملكة الأندلس حتى لم يبقَ للعرب بها سوى غرناطة، ولم تستطع التصدي للنصارى فاضطرت إلى دفع الإتاوة كل عام لهم، وتبع تلك الفترة هدوء سياسي جعل غرناطة تنهض في الآداب والعلوم والعمارة ما جعلها تحتل شهرة ذائعة في أرجاء أوروبا، حتى إنها ظلت وحدها باقية مدة قرنين وأكثر في رفاهة من العيش.
لكن أحسَّ العرب بها بقرب زوالهم على أيدي النصارى الذين قويت مملكتهم، ففي الربع الثالث من القرن الخامس عشر، اتحدت مملكتا أراغون وقشتالة، وكان يحكم غرناطة في ذلك الوقت مولاي علي أبو الحسن الذي كان شجاعًا جريئًا، فعلم بما يخطط النصارى له، وقرر إنهاء دفع الإتاوات، كما أرسل غارة قوية على النصارى المقيمين بمنطقة قامة الصخرة، فقرر النصارى الانتقام، وسيطروا على حصن يُسمى “الحمَّة” وهو يعد مفتاح غرناطة، وازدادت الغارات بين الفريقين، وبدأ كل شيء يُنبئ بسقوط المملكة الشامخة غرناطة.
الفكرة من كتاب قصة العرب في إسبانيا
تفاجأ العالم بعد القرن السابع الميلادي بالعرب ينزعون العزلة عنهم، ويخرجون فاتحين العالم شرقًا وغربًا، وكل هذا سببه رجل واحد، وهو محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم)، الذي عظم تأثير دعوته في قلوبهم فتغيَّرت طبائعهم وأخلاقهم، وتوحَّدوا بعد أن كانوا أشتاتًا من قبائل متفرقة، فاكتسحت جيوشهم أقوى البلاد على وجه الأرض آنذاك، وامتدت دولتهم من آسيا الوسطى لتصل إلى تلك البلاد التي شهدت جرأة طارق، وإقدام عبد الرحمن الداخل، وعزيمة الناصر، وعبقرية المنصور، صاحبة تاريخ كله عراك ونضال وصخب طوال ثمانية قرون، ومن العجب أنه رغم ذلك كانت هي شعلة النور والحضارة.. إنها الأندلس؛ إسبانيا اليوم.
مؤلف كتاب قصة العرب في إسبانيا
ستانلي لين بول (1854-1931م): مستشرق وعالم آثار بريطاني عمل في مصر كعالم مصريات، ثم شغل كرسي الأستاذية للدراسات العربية في جامعة دبلن الأيرلندية.
له عدد كبير من المؤلفات تخص التاريخ الإسلامي والعربي، أهمها: “دراسات في مسجد”، و”تاريخ مصر في القرون الوسطى” و”مختارات لين من القرآن”.