غار حراء
غار حراء
عندما وصلت الرحلة السورية إلى غار حراء، في صحراء واسعة موحشة، تمثَّل لهم التاريخ واقفًا، صحيح أن بريد السماء انقطع عن الأرض بوفاة رسول الله (ﷺ)، لكن بقيت من بعده تلك البقاع الشاهدة على السيرة النبوية الشريفة، فالوقوف على آثار الأحبة هو دأب المُحبين، فما بالك بالوقوف على آثار حبيب الله وحبيبنا خاتم النبيين والمرسلين محمد (ﷺ).
نصعد معهم إلى الجبل حتى نصل إلى الغار، غار مقفر على أعلى جبلٍ أجرد، جبل يُدعى جبل النور، أسود مهيب يرتفع عن الجبال من حوله، في مكانٍ مهجور بعيد عن البشر، وتوجد درجات منحوتة تاهت تفاصيلها من فرط القدم، والغار موجود لا يمكن الوصول إليه إلا بصعوبة بالغة، ومن هذا المكان تبدو الكعبة من بعيد في مشهدٍ إيماني بليغ، لا تملك أمامه إلا أن يغشاك الخشوع والتفكير، فنرى معهم رأي العين كل ما كان، بالدراية لا بالرواية، وتعتريك الأسئلة حول الليالي الطوال التي قضاها نبي الله (ﷺ) في هذه الظلمة المرعبة، وحول جلال اللحظة التي تنزَّل فيها جبريل عليه السلام وقال له: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)، رحلة الرسول ووحدته وفزعه (ﷺ)، كل هذا يتجلى لك بشهود هذا المكان المُبارك!
إن الإسلام دين العلم والفكر والهدى، وليس دين مال وسلطان وجاه، وأوَّل كلمة نزلت فيه كانت “اقرأ”، “باسم ربك” الذي خلق الخلق جميعًا، فكانت دعوة النبي (ﷺ) إلى الإنس والجن، دعوة كرم الله بها الإنسان، إذ بعث الله برسالته على يد واحدٍ من بني الإنسان، فكانت تلك الآيات فاتحة الرسالة المحمدية الخالدة، رسالة العلم والقلم والإيمان، رسالة لا سيف فيها إلا لإزاحة من اعترض طريق السلام أو لرفع الظلم عن المظلومين في عالمٍ غرق في أوحال الكفر والجهل والظلام.
الفكرة من كتاب من نفحات الحرم
يقول رسول الله (ﷺ): “لا تشدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا (المسجد النبوي)، والمسجد الأقصى”.
يتناول كتاب “من نفحات الحرم” رحلة وفد سوري من دمشق إلى المدينة ثم إلى مكة المكرمة، في مشاهد جليلة مرَّ بها، ويصف لنا فيها طبيعة الحياة في بلاد الحرمين، بأسلوب أدبي جميل.
مؤلف كتاب من نفحات الحرم
علي الطنطاوي (1909- 1999م): كاتب وفقيه وأديب وقاضٍ سوري، يُعد من كبار أعلام الدعوة الإسلامية والأدب العربي في القرن العشرين، كتب في كثير من الصحف العربية لسنوات طويلة منها الرسالة المصرية، والمقتبس، والأيام والشرق الأوسط، وغيرها.
عمل منذ شبابه في سلك التعليم الابتدائي والثانوي في سوريا والعراق ولبنان حتى عام 1940، وترك التعليم ودخل سلك القضاء، فأمضى فيه خمسة وعشرين عامًا من قاضٍ في النبك ثم انتقل إلى دمشق فصار القاضي الممتاز فيها، ونقل مستشارًا إلى محكمة النقض في الشام، ثم مستشارًا لمحكمة النقض في القاهرة أيام الوحدة مع مصر، وقد أعد مشروع قانون الأحوال الشخصية كله وصار هذا المشروع أساسًا للقانون الحالي لسورية.
من أشهر مؤلفاته:
صور وخواطر.
من حديث النفس
حكايات من التاريخ.
سيد رجال التاريخ محمد ﷺ.
ذكريات علي الطنطاوي.