عواطف النباتات!
عواطف النباتات!
“الحاسة السادسة عند النبات”، “آلام البشر تفقد النبات عقله”… هذه بعض العناوين المثيرة لمقالات في مجلة “المصور” القاهرية لكاتب لا يعرف شيئًا عن العلوم يزعم فيها أن النباتات ذات عاطفة قوية تحزن وتفرح وتبكي وتستجيب للموسيقى وتحب الثناء! ولها جهاز عصبي ودوري، ومن قبله زعم عالم نبات أمريكي اسمه كليف باكستر استعمال جهاز لقياس انفعالات النبات، فسجَّل فرحة النبات عند قدومه ليرويه وحزنه عندما يشعل نار بجواره وقد يُغشى عليه من شدة العنف! والحقيقة أن باكستر ليس بعالم بالأساس ولكن كان يعمل لدى المخابرات الأمريكية في تسجيل المشاعر النفسية الطارئة للأشخاص في أثناء استجوابهم على جهاز بوليجراف؛ والمشهور بين العامة بجهاز كشف الكذب، ثم جنح خياله لتجريب عمله على النباتات وخرج بنتائج طريفة ومثيرة أوردها في كتابه “حياة النبات الغامضة” الذي فتح الباب لمؤلَّفات ومقالات تؤكِّد امتلاك النبات عواطف وأحاسيس أرق من مشاعر البشر، وقد تختلف مشاعر النباتات من شخص إلى آخر حسب تعامله معها!
تدخَّل آرثر جالستون -عالم فسيولوجيا النبات بجامعة ييل وعضو الجمعية الأمريكية لتقدُّم العلوم- فناقش مع أعضائها مزاعم باكستر وأثرها في عقول العامة، وتم تشكيل لجنة لإعادة تجاربه والتحقق من نتائجه ولم تسفر تجاربهم عن أية نتائج إيجابية ولم يظهر على النبات أية انفعالات، ولم يملك باكستر إلا رمي الاتهامات ضد اللجنة ووصمها بعدم الدقة والأمانة، ولكن لما طُلِب منه إجراء التجارب بنفسه أمامهم ماطل وراوغ!
إن ثبت أن النبات لا يستجيب إطلاقًا للموسيقى، فهل يمكن أن يطرب الحيوان لها ويزيد إنتاجه بها وبخاصةٍ وهو يمتلك أذنين كالإنسان؟ إن الأفاعي التي تهتزُّ مع مزمار الفقير الهندي تفعل ذلك لأنها تستجيب عند أي حركة أمام عينيها، وليس لها أذنان تسمع بهما أصلًا، أم الأحصنة والقرود وإن كانت تسمع الموسيقى والأنغام، فلا تعرف معنى الموسيقى ولا الرقص، وإنما يدرِّبها صاحبها على فعل ذلك بعد وقت وجَهد ولم نرَ حصانًا يترك طعامه ليستجيب لوقع الأنغام دون أن يحفِّزه سيده.
الفكرة من كتاب الإنسان الحائر بين العلم والخرافة
جاء في لسان العرب: الخُرافة الحديثُ الـمُسْتَمْلَحُ من الكذب وذكروا في قولهم: “حديثُ خُرافة” أنَّه رجل من بني عُذْرَةَ أَو جُهَيْنةَ، اخْتَطَفَتْه الجِنُّ ثم رجع إلى قومه فكان يُحَدِّثُ بأَحاديثَ مما رأى يَعْجَبُ منها الناسُ فكذَّبوه فجرى على ألسُن الناس.
ولكل عصر خرافاته، غير أن خرافات العصر الحديث -وإن كانت لها جذور قديمة- تتخذ لبوس العلم، وتتشبَّع زورًا بروح منهجه، وساعد على رواجها طبيعة الإنسان الجانحة إلى الخيال وأجهزة الإعلام الباحثة عن الإثارة، ورغبة بعض الأذكياء الاشتهار أو التربُّح السريع على حساب جهل الدهماء من الناس، ويتناول هذا الكتاب بعض الخرافات الحديثة المنتشرة، مُقدِّمًا لها التفسير العلمي الصحيح بأسلوب مبسط.
مؤلف كتاب الإنسان الحائر بين العلم والخرافة
الدكتور عبد المحسن صالح: وُلد بمحافظة بني سويف في ٢٤ فبراير عام ١٩٢٨، وتخرج في كلية العلوم بجامعة القاهرة عام ١٩٥٠، ثم حصل على درجتي الماجستير عام والدكتوراه من الجامعة نفسها في علم الكائنات الدقيقة، وعمل أستاذًا لعلم الكائنات الدقيقة بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية، وكان عضوًا في جمعية الميكروبيولوجيا التطبيقية، وتُوفي بين كتبه وأبحاثه في غرة رمضان عام ١٩٨٦.
ومن مؤلفاته:
– التنبؤ العلمي ومستقبل الإنسان.
– مسكين عالم الذكور.
– الميكروبات والحياة.