عن تلقِّي المعرفة في عصرنا
عن تلقِّي المعرفة في عصرنا
كلَّما خطونا خطوة في طريق العلم والمعرفة ازددنا يقينًا في قول الله (عز وجل): ﴿وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾، وفي عصرنا هذا قدر هائل من النظريات والأخبار والاحتمالات التي لا يمكن أن يجزم بصحتها حتى الخبير، فينبغي أن يكون موقفنا مما يقال إنه وجهات نظر تحتمل الصواب والخطأ، وأن ندرك أن الحقيقة ليست طبقة واحدة، وإنما طبقات بعضها فوق بعض، كلما اكتشفنا أو فهمنا واحدة برزت لنا التالية.
وفي عصرنا كذلك تنتشر الأمية في بلاد المسلمين، أمية لا نعني بها عدم القدرة على القراءة والكتابة وحسب، ولكن نعني بها غياب الأسس المنهجية والمعرفية التي تعصم الناس من سيطرة المتاجرين بالمعرفة المتظاهرين بها على عقولهم، وتتسع بهذه الأمية المسافة الثقافية بين مقدم المعرفة ومتلقِّيها، فتكون المواضيع دائمًا عرضة لسوء الفهم والخلل في التفسير والتأويل، فلا بد أن نعرف علاقة مقدم المعرفة بمتلقِّيها وعلاقة مقدم المعرفة بما يقدمه من المعرفة كي نحسن فهمها ونضعها في موضعها المناسب.
وتلقِّي المعرفة يقتضي قدرة على التمييز بين الأشياء، وذلك من خلال الكتشاف المتدرِّج، إذ يصعب أن تحيط عقولنا ببعض المواضيع دفعة واحدة، ومن خلال إدراك الفرق بين المطلق والغالب والظني والمشكوك فيه والبدهي والراجح والملتبس.
الفكرة من كتاب تشكيل عقلية إسلامية معاصرة
في عصر تُهدَّد فيه ثوابتنا، وتُجتثُّ جذور حياتنا الثقافية والاجتماعية، نحتاج إلى عقليات ممتازة، يمكنها طرح حلولٍ مجدِّدَةٍ، لكنها مع تجديدها لا تنفصل عن ماضي الأمة وتاريخها.
انطلاقًا من حاجتنا تلك يحدثنا هذا الكتاب عن العقلية، وعن تشكيلها وموارد تنميتها، وعن سمات العقلية التي نحتاج، وأفكار متنوعة أخرى ترسم لنا كيف نبنيها.
مؤلف كتاب تشكيل عقلية إسلامية معاصرة
عبد الكريم بكار، واحد من المؤلفين البارزين في قضايا التربية والفكر الإسلامي، حصل على البكالوريوس من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، وعلى الماجستير والدكتوراه من قسم أصول اللغة بالكلية نفسها بجامعة الأزهر، وقاد مسيرة أكاديمية في تدريس اللغويات عمرها 26 عامًا في جامعات مختلفة، ثم استقال في عام 2002 ليتفرَّغ للتأليف والعمل الدعوي.
له الكثير من المحاضرات، وشارك في العديد من المجلات والصحف العربية، وألَّف أكثر من أربعين كتابًا، منها أكاديمي متخصِّص مثل: “الصفوة من القواعد الإعرابية”، و”أثر القراءات السبع في تطوير الفكر اللغوي”، ومنها تربوي وفكري مثل: “فصول في التفكير الموضوعي”، و”العيش في الزمان الصعب”، و”من أجل انطلاقة حضارية شاملة”، و”نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي”، و”ابن زمانه.. التربية من أجل المستقبل”، و”القراءة المثمرة: مفاهيم وآليات”، و”حول التربية والتعليم”، و”المتحدث الجيد”.