عن النقد
عن النقد
النقد من الخطوات الأولى على طريق التغيير، والنهضة حالةٌ من الوعي تُمثل رغبةً في تغيير جذري، وكسرًا لأسرِ العادات وحربًا على من يقول ﴿… إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ…﴾، وهو تقييم مستمر يُبيِّن التوافق بين المعتقدات والممارسات، وهو وإيقاظ للحواس واستثارة للقدرات الكامنة، وهو جهدٌ جماعي لا فردي يخرج المرء من الانكباب على نفسِه إلى الاهتمام بمجتمعه، إنه حاسةٌ تنمو بالتعلم والممارسة، ولا يكون إلا بالفهم والعلم، ويذكيه التساؤل والقراءة، والحركة النقدية الواعيةُ لا بد لها من مرجعية تنطلق منها، ومرجعيةُ المسلمين هي التوحيد ونصوص القرآن، ونموذجهم الأمثلُ هو جيلُ الصحابةِ، الجيل الأول الذي تغيَّر بالقرآن حين قرأ وفهم النقد القرآني لواقعه، وما يبشِّر به من آفاق واسعة، فأقام حضارته على أسسٍ سليمة.
لماذا لا نجد نقدًا مثمِرًا في مجتمعاتنا؟ تتنوَّع الأسباب؛ فبعض النقاد أفقهم ضيق فيرون أنفسهم المقياس والمعيار ولا يتردَّدون في تخطئة الناس، وبعض مستقبلي النقد يظنون أن كل ما سوى علمهم المحدود هو بدعة وخطأ أو يحسبون النقد ضربًا من الشتائم بينما هو تفسير للواقع، والتعليم في بلادنا لا يوصِل إلى ممارسة النقد عمومًا؛ إنه بالكاد يعلم القراءة والكتابة والويل لمن يفكرأوينقد!
وأصحاب النقد الفعال هم قلة، هم نقطة مضيئة تُمثِّل قلقًا لراحة الجمهور العريض وسباته، جمهورٌ لسان حالِه تبًّا لكم ألهذا جمعتمونا يا دعاة النقد؟! لا تفسدوا علينا استقرارنا!
لكن علينا ألا نيأس، فالنقدُ وإن لم يغير دائمًا فإنه ضروريٌّ لتبقى المسميات بلا تزوير ولا تبديل، ليظل المنكر منكرًا والمعروف معروفًا، لكيلا يمر الخطأ بلا إحساسٍ بالذنب، لأن المجتمعات لا تسقط حين تخطئ ولكنها تسقط عندما يُمرَّر الخطأ ويُزَيَّن!
الفكرة من كتاب رصد الظواهر.. هكذا نحن
هل يعرف المسلم المعاصر نفسَه؟ هل يدرك دورَه في حركة التاريخ؟ هل يملك رؤية واضحة لواقعه؟ لماذا لا نتغير؟ ما الذي يعوق نهضتنا؟ تساؤلات تُثير تساؤلات أخرى، وتبعث في النفسِ شجونًا…
يحدِّثنا الكتاب عن الطريق إلى التغيير، عن القراءة والنقد، وعن الواقع والتاريخ، وعن المحن والسعادة، وغيرها؛ محاوِلًا سطر إجابات لتلك التساؤلات…
مؤلف كتاب رصد الظواهر.. هكذا نحن
إبراهيم أحمد العِسْعِسْ، مفكر إسلامي وداعيةٌ أردني، حاصلٌ على الماجستير في الحديث النبوي الشريف وعلومه، ويدرس الدكتوراه في التخصص ذاته، وهو محاضر سابق بجامعة اليرموك، ومتفرغ حاليًّا للعمل الدعوي والفكري.
له عديد من المقالات والمحاضرات على شبكة الإنترنت، ومن كتبهِ: “الصداقة والأصدقاء”، و”دراسة نقدية في علم مشكِل الحديث”،و” السلف والسلفيون: رؤية من الداخل”، و”الأمة والسلطة باتجاه الوعي والتغيير”.