عن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن
عن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن
تشكل رواية حديث النبي ﷺ وأفعاله وتقريراته جزءًا كبيرًا من المعرفة الدينية التي تناقلها المسلمون عبر العصور، والحديث مصدر أساسي للتشريع بعد القرآن الكريم، وبعد وفاة النبي ﷺ غدا الصحابة رجالًا ونساءً نماذج معيارية؛ تشاركوا ما تعلموه من النبي ﷺ ورَوَوْهُ لمن تبِعهم، وكل الصحابة كانوا عُدولًا لا فرق بين رجل وامرأة في ذلك، وجاءت معظم روايات الصحابيات لغيرهن متعلقةً بأسئلةٍ طُرحت عليهن في موضوعاتٍ معينة، ولم يدرِّسن في حلقات المساجد كما فعل بعض الصحابة من الرجال، وغالبًا ما روى عنهن الأقارب والموالي.
وأهم من روى عن النبي ﷺ زوجاته أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، وأكثرهن رواية للحديث هي عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها، إذ رَوت ما بين ألف وخمسمئة وألفين وأربعمئة حديث (باختلاف مناهج العد للروايات المختلفة للحديث الواحد)، وكانت فقيهةً وعالمة بالشعر والأنساب وأخبار المعارك والطب والمواريث، وهي خالة عروة بن الزبير وشيخته، وهو من كبار علماء التابعين، ولم يكن ما روته فقط في مسائل الزواج والطهارة وحال النبي ﷺ في بيته، بل أيضًا في الصيام والحج وقيام الساعة وموضوعاتٍ أخرى. وكانت -رضي الله عنها- تستدرك على الصحابة في أمور، وحريصةً على تصحيح ما رأته يحيد عن سنة النبي ﷺ في مجتمعها، وكانت لها اجتهادات فقهية وإن لم يتفق بعضها مع إجماع كبار الصحابة مثلما في مسألة رضاع الكبير.
ثمَّ تأتي أمُّ سلمَة رضي الله عنها، إذ رَوت نحو مئة وسبعةٍ وخمسين حديثًا في أبواب مختلفة، وكانت رواياتها فاصلةً في بعض القضايا مثل: عدة المرأة التي تلد بعد وفاة زوجها، وكان كبار الصحابة يستشيرونها. وقد روى عن عائشة وأم سلمة عددٌ كبير من الرجال من محارمهما وغير محارمهما، وظهر في ما روينه جانبٌ من سيَرِهن. أما بقية زوجات النبي ﷺ فكانت مشاركتهن في رواية الحديث أقل، إذ رَوَت زينب بنت جحش سبعة أحاديث، وأم حبيبة رملة بنت أبي سُفيان اثنين وعشرين حديثًا، وحفصة بنت عمر خمسًا وعشرين حديثًا، وصفية بنتُ حُيَيّ ثمانيةَ أحاديث، وسودة بنت زمعة أربعة أحاديث، وجويرية بنت الحارث ستة أحاديث، وميمونة بنت الحارث سبعةً وثلاثين حديثًا، رضي الله عنهن جميعًا.
الفكرة من كتاب المرأة ونقل المعرفة الدينية في الإسلام
يستكشف الكتاب دور النساء في رواية حديث رسول الله ﷺ خلال عشرة قرون، بدءًا من الصحابيات في صدر الإسلام وصولًا إلى بداية العصر العثماني في القرن العاشر الهجري، ويحلل أسباب ازدهار دورهن وتراجعه عبر الزمن، ويعرفنا على أشهر المحدِّثَات في كل فترة زمنية.
واعتمد الكتاب على الأسانيد في الكتب الستة وموطأ مالك وبعض كتب السنن الأخرى.
مؤلف كتاب المرأة ونقل المعرفة الدينية في الإسلام
د. أسماء سيِّد: باحثة أمريكية من أصول هندية مسلمة، حصلت على الدكتوراه من جامعة برينستون في عام 2005، وتعمل أستاذة مشاركة للدراسات الإسلامية بقسم لغات وثقافات الشرق الأدنى في جامعة كاليفورنيا بمدينة لوس أنجلوس، وتهتم بالتاريخ الإسلامي الاجتماعي، وتاريخ التعليم الإسلامي، نُشرت لها مقالات متعلقة بالشريعة الإسلامية والمجتمع الإسلامي والمرأة المسلمة، وكتابان هما: Law and Tradition in Classical Islamic Thought، والكتاب الذي بين أيدينا “المرأة ونقل المعرفة الدينية في الإسلام Women and the transmission of Religious Knowledge in Islam”
معلومات عن المترجم:
د. أحمد العدوي: باحث ومترجم، تخرج في كلية الآداب (قسم التاريخ) بجامعة القاهرة، ويعمل أستاذًا مساعدًا بقسم العلوم الإسلامية في كلية العلوم الدينية بجامعة تشانكالي أونسيكيز مارت في تركيا. نُشرت له أعمال عديدة في التاريخ الإسلامي وتاريخ الأقليات الدينية وقضايا التراث العربي، وترجم أعمالًا عديدة من الإنجليزية إلى العربية منها: “جيش الشرق: الجنود الفرنسيون في مصر 1797 – 1801” لتيري كرودي، وفاز بجائزة الشيخ زايد للكتاب فرع الترجمة لعام 2022 عن ترجمته لكتاب “نشأة الإنسانيات عند المسلمين وفي الغرب المسيحي” لجورج مقدسي.