عمى الحب
عمى الحب
إذا كان المحبوب يريد أن يكون محبوبًا لذاته؛ أي أن يكون محبوبًا لكونه هو، فإن ذلك يستدعي ألا يتغاضى المحب عن عيوب المحبوب، وأن يرى عيوبه مثلما يرى مميزاته، لكن نجد أن الذي يحصل هو العكس، فنحن نرى حالة من العمى تعتري المحب، فلا يبصر عيوب المحبوب، حيث نجد أن روميو مصاب بنوع من العمى يجعله لا يرى عيوب جولييت، كما يدفعه هذا العمى بجانب ذلك إلى عدم رؤية أي جمال يغريه في أي امرأة أخرى بخلاف جولييت، فإن عمى الحب هنا لا يُقصد به آفة أو مرض يعتري حاسة البصر، بل المقصود هو اختلال في “إصدار الأحكام” من جانب روميو، فالعيوب التي يراها روميو يقوم بالحكم عليها بأنها ليست من قبيل العيوب بل إنها مميزات!
وعمى الحب الذي يصاب به المحب قد لا يكون راجعًا إلى الاختلال في إصدار الأحكام وحسب، بل قد يكون أيضًا بسبب خداع المحبوب للمحب؛ فكما يقول الشاعر راينر ماريا: “ألقِ نظرةً على الحبيبين، كم يكذبان بسرعة ما إن يتعارفا!”؛ وهذا راجع إلى أن الحبيبين يتجنبان المجازفة بقول الحقيقة في كثير من الأحيان -وكما يقول رونالد- فإن امرأة قد تبجَّحت وقالت إنها لم تكذب على عشَّاقها أبدًا، وعندما قامت رفيقاتها بتحدِّيها، قالت: أكذب على زوجي فقط لأنني أحبه، لكنني لا أكذب أبدًا على عشَّاقي! فيكون العمى هنا نتيجة كذب وخداع المحبين بعضهم بعضًا، بغرض الحفاظ على الحب، وتجنيب الطرف الآخر المعاناة.
الفكرة من كتاب الحب مقدمة وجيزة
الحب هو ذلك الشعور الذي دفع الكثيرين نحو الجنون، ولأجله مات العديد من الناس، وبسببه قُتِلَ بعضهم؛ ربما غمرتك أيها القارئ سعادة الحب الغامرة، أو أصابتك سهامه المؤلمة مرة أو أكثر، فهو شعور يشعر به الجميع ويعتقدون أنهم يفهمونه، ولكن ما إن تسأل أحدهم عن مفهوم الحب؟ أو تسأل الشخص الذي يحبك: لماذا تحبني؟ وما دوافع حبك وأسبابه؟ فإنه يجيبك بتلعثم وبكلماتٍ لا تكاد تكون مفهومة أو موغلة في الخيال، وكأنه يتحسَّس موضع أقدامه في طريقٍ وعر؛ ومن هنا جاء هذا الكتاب في محاولة منه للوقوف على الحب الحقيقي والآخر الزائف، والبحث في دوافع الحب وأسبابه، فهل نحب حقًّا من أجل ما في المحبوب من محاسن الجمال ومكارم الأخلاق والخصال الحميدة، أم أنه متعلق بشخص المحبوب؟
مؤلف كتاب الحب مقدمة وجيزة
رونالد دي سوزا Ronald de Sousa، هو فيلسوف كندي، وأكاديمي يعمل في جامعة تورنتو الكندية، له العديد من الكتب، ترجم منها إلى اللغة العربية كتاب واحد هو الكتاب الذي بين أيدينا.