عملُ المرأة
عملُ المرأة
إنّ النساءَ في كلِّ بلدٍ يُقدّرنَ بِنِصْفِ سُكانِهِ على الأقل؛ فبقاؤهن في الجهلِ؛ حرمانٌ من الانتفاعِ بأعمالِ نِصْفِ عددِ الأمّة.
كما أنّ إعفاءَ المرأةِ من واجبِ العمل، هو السببُ الذي جرّ ضياعَ حُقُوقِهَا؛ فإنّ الرجلَ لمّا كان مسؤولاً عن كلِ شيء؛ استأثر بالحق في التمتع بكل احترام، لذلك اعتَبرَ “أمين” أن تمكينَ المرأةِ هو واجبٌ يصبُ في مصلحةِ المُجتمع، قبلَ مصلحةِ المرأة، فبدلاً من أن تكونَ النساءُ عالةً وحِملًا ثقيلًا على الذُكور؛ تحتجن إليهم لتلبيةِ الحاجاتِ الأساسيةِ التي يحتاجُها الإنسان؛ من طعامٍ وشَرَابٍ ومَسكن. بالعمل؛ تُصبحنَ مُنتِجَاتٍ وعونًا وسندًا للرجل.
كما أنّ تأهيلَ النساءِ ليُصبحنَ مُنتِجَاتٍ وقادراتٍ على إعالةٍ أنفسهن؛ هو ضرورة؛ لأنّ النساءَ قد تتعرضُ لخَسَارةِ الرجلِ الذي يُعيلُهَا لأي سببٍ كان؛ وعندها ستكونُ في موقفٍ لا يُحسَدُ عليه، وخصوصًا لو كانت لديها أطفال، وأصبحت -فجأةً- مسؤولة عن كلِّ شيء.
أيضًا مَنْحُ المرأةِ حقَها في تكوينِ خِبْراتٍ تُؤهلُها لكسبِ العيش؛ يمنحُها الحريةً ويحميَها من البقاءِ تحتَ سُلطةِ الرجُل، في حال لم تجرِ الأمورُ بينهما كما ينبغي، ولم يكونا على وِفاق.
الفكرة من كتاب تحرير المرأة
بالرُغم من أنّ هذا الكتاب طُبِعَ عام ١٨٩٩م، إلاّ أن كاتبَهُ قد نجَحَ في طرحِ مَواضيعَ، لا تزالُ ذاتَ أهميةٍ إلى يومِنَا هذا.
يرى “قاسم أمين” أن هناك تلازُمًا بين انحطاطِ المرأةِ، وانحطاطِ الأمةِ وتوحُّشِهَا، وبين ارتقاءِ المرأةِ وتقدُّمِ الأمةِ ومَدَنيتِها؛ فهو يُؤسِّسُ دعوتَهُ لتحريرِ المرأةِ المصريةِ ـ والعربيةِ بالضرورة ـ على أهميةِ ذلك، للأمم.
كما يرى أن إنصافَ المرأةِ في التعليم؛ شرطٌ أساسيٌ لبناءِ شخصيتِهَا ومُمَارسةِ دَورِهَا في المجتمع، ويطلبُ من الحكومةِ السعيَ لإصدارِ القوانينَ التي تضمنُ للمرأةِ حُقوقَهَا؛ بشرط أن لا تخرجَ هذه الحقوقُ عن الحدودِ الشرعية.
مؤلف كتاب تحرير المرأة
وُلِدَ “قاسم أمين” عام 1863م، لأبٍّ تركي عثماني، وأم مصرية من صعيد مصر، وتمكّنَ بفضل وضعِ عائلتِهِ الاجتماعية، التي كانت تتسِمُ باليُسْرِ والدَعَة، من أن يتدرجَ بسُهُولةٍ في كل مستوياتِ التعليم؛ حتى تخرّجَ في كلية الحقوق، وهو لا يتجاوز العشرين عامًا، عَمِلَ بالقضاء بعد عودته من بعثةٍ دراسية لفرنسا، وساهمَ في الدعوةِ لإقامةِ الجامعةِ المِصْرية.