عمليات التجسس الدولية
عمليات التجسس الدولية
على الرغم من كل هذه التسريبات فإن الإنترنت يظل عائقًا أمام الجهات الاستخباراتية، بفضل خدمات التشفير التي شهدت تطورات هائلة في السنوات الأخيرة، وتذكر تسريبات سنودن كيف تتعامل الـ NSA مع هذه العقبة الكبيرة عن طريق اختراق المؤسسات التي تقدم وسائل التشفير والإخلال بأنظمتها عمدًا، وكذلك استهداف البروتوكولات التي توفر الحماية للتعاملات الإلكترونية المختلفة مثل التعاملات البنكية وغيرها، ما يعنيه ذلك أن أنظمة الأمان على الإنترنت أصبحت ضعيفة وقابلة للاختراق ولا يمكن الوثوق في نزاهتها، ولا تتوقف التسريبات عند هذا الحد، فلاحقًا نشرت صحيفة “دير شبيجل” أن هاتف المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” الشخصي تعرض للاختراق بواسطة الـ NSA لمدة تقرب لعشر سنوات، كما قامت الوكالة بالتجسس وجمع المعلومات عن المواطنين في ألمانيا ودول أوروبية أخرى منها النرويج وفرنسا، مما أثار غضب الحكومة الألمانية والشعب على حد سواء، وذلك بسبب التاريخ المظلم للبوليس السري ستاسي Stasi في التجسس واستهداف المعارضين منذ عام 1950م وحتى سقوط جدار برلين.
وفي تسريب آخر اتضح أن وكالة GCHQ البريطانية نفذت عمليات تجسس بحق أعضاء في قمة G20 الاقتصادية عام 2009م، بالطبع لا علاقة لهذا الأمر بمحاربة الإرهاب أو حماية الأمن القومي كما تكرر الحكومة الأمريكية باستمرار، وإنما هو اعتداء على خصوصية أفراد دبلوماسيين بغرض جمع المعلومات فقط.
ولم تقتصر حملات التنصت والاختراق على الدول المعادية للولايات المتحدة مثل إيران وأفغانستان فقط، بل امتدت لتشمل الحلفاء كذلك، عندما وجد أن البرازيل برئاسة “ديلما روسيف” الموالية للنظام الأمريكي قد وقعت ضحية لمشروع BLACKPEARL، الذي يحمل تعليمات لاختراق الشبكات الخاصة بمجالات الطاقة والنقل الجوي إلى جانب القطاع المالي في العديد من الدول، وهو ما يمثل تجسسًا اقتصاديًّا بهدف الإضرار بالاقتصاد في الخارج لصالح القطاعات الإنتاجية بالداخل، وعلى أثر هذا التسريب ثارت “روسيف” في خطابها الموجه إلى مجلس الأمن، معلنة أن الولايات المتحدة تتعدي على السيادة الدولية للبرازيل، كما تمتلك شبكات تجسس إلكترونية في جميع أنحاء العالم.
الفكرة من كتاب ملفات سنودن: القصة الخفيّة لأكثر رجل مطلوب في العالم.
في اليوم الخامس من شهر يونيو عام 2013م، نشرت صحيفة الجارديان الأمريكية مقالًا حصريًّا؛ محتواه أن وكالة الأمن القومي بالولايات المتحدة الأمريكية NSA نفذت عمليات تجسس بحق مواطنيها عن طريق إجبار شركة الاتصالات Verizon بتسليم جميع السجلات الهاتفية الخاصة بعملائها، وقد استدلت الصحيفة على صحة هذه المعلومات بمجموعة ملفات تم تسريبها بواسطة أحد العاملين المجهولين بالوكالة.
لم تكن هذه المقالة هي الأخيرة من نوعها، فقد تلتها مجموعة من المقالات التي تحتوي المزيد من التسريبات وتتشارك الخبر المقلق ذاته؛ وهو انتقال عمليات التجسس من المجال الحربي والبحث عن المعلومات التكنولوجية لتعزيز الأمن القومي إلى المجال الشخصي، حيث يتم استهداف الأفراد العاديين والمواطنين بشكل دوري، مع الاحتفاظ بهذه المعلومات الخاصة بل وتوظيفها للملاحقة القانونية عندما يقتضي الأمر.
بالطبع أثارت هذه الأخبار الكثير من الجدل في الأوساط السياسية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي لتهديدها المباشر للحرية الشخصية وخصوصية الأفراد، ما أدي إلى نشوء مناظرات وظهور ردود أفعال عديدة حول الأمر، لاحقًا نُسِبَت هذه التسريبات إلى الموظف السابق بالوكالة “إدوارد سنودن”، الذي تعاون مع صحيفة الجارديان على نشر أكبر تسريب استخباراتي في العالم الحديث، يحتوي العمليات الشديدة السرية للتجسس التي تنفذها الولايات المتحدة الأمريكية على جميع المواطنين في العالم.
مؤلف كتاب ملفات سنودن: القصة الخفيّة لأكثر رجل مطلوب في العالم.
لوك هاردينج: هو مراسل صحيفة الجارديان للشؤون الخارجية في روسيا منذ عام 2007م، حتى تم ترحيله عام 2011م لنشره عدة مقالات شائكة عن السياسة الروسية تحت قيادة الرئيس “فلاديمير بوتين”.
حصل “هاردينج” على البكالوريا الدولية من جامعة أتلانتك، ودرس اللغة الإنجليزية في جامعة أوكسفورد، كما عمل مراسلًا في العديد من الدول، منها الهند وليبيا وأفغانستان، ومن مؤلفاته في مجال التسريبات الاستخباراتية: كتاب “ويكيليكس” الذي صدر عام 2011م بالتعاون مع الصحفي “ديفيد ليج” عن وقائع تسريبات ويكيليكس الشهيرة، وفي عام 2014 حصل “هاردينج” على جائزة جيمس كاميرون لمجمل أعماله المنشورة حول تسريبات “ويكيليكس” و”ملفات سنودن”.
من أهم مؤلفاته:
WikiLeaks: Inside Julian Assange’s War on Secrecy
Mafia State: How one reporter became an enemy of the brutal new Russia