عمر سليمان والطابور الخامس
عمر سليمان والطابور الخامس
كان اللواء عمر سليمان يعرف جيدًا أن هؤلاء النشطاء المموَّلين من الخارج هم الجيش السرِّي والطابور الخامس الذين أصبحوا مجرَّد أدوات يجري استخدامها في معارك الجيل الرابع، وكانت تجارب أوكرانيا وجورجيا ماثلة أمامه، لذلك كان يتخوَّف من هذه الجماعات الممولة التي اكتسبت حصانة دولية وتمارس عملها التجسُّسي في حماية المجتمع الدولي وتحديدًا الغرب وأمريكا، وكان عدد من النشطاء يقومون بزيارات لإسرائيل ويلتقون بقادة الموساد، ثم يعودون إلى مصر ولا أحد يستطيع الاقتراب منهم! وهذا ما بدا واضحًا في مقولة “عاموس يادلين”، والتي لم ينسَها عمر سليمان، إذ قال في فبراير عام 2010: “إن مصر هي الملعب الأكبر لنشاطات جهاز المخابرات الحربية الإسرائيلية…”.
كان عمر سليمان يعرف أن الإخوان المسلمين في مصر هم الأداة الفاعلة للمخطط الجديد، كما كان يعلم أن عملية التجنيد لم تقتصر فقط على الإخوان المسلمين، بل امتدَّت لتشمل منظمات وحركات وعناصر من الشباب، لتكون حلقة في إطار هذا المخطَّط الكبير، كما ذكر “أحمد أبو الغيط” وزير الخارجية الأسبق في مذكراته أن: “الرئيس مبارك أبلغه عام 2005 أن الأمريكيين يريدون منه الرحيل”، كما أن مبارك كان يقول دائمًا: “المتغطِّي بالأمريكان عريان”، لذلك كان عمر سليمان يدرك هذه الحقيقة، وكان يعلم أن البديل هو جماعة الإخوان المسلمين، فهي الحصان الرابح، فلها امتداد تاريخي وجذور في المنطقة، كما تمتلك أقوى تنظيم له امتدادات شعبية واسعة، وخبرة تنظيمية متميِّزة، وكانت الإدارة الأمريكية في هذا الوقت تشير إلى أن الإسلاميين وجماعة الإخوان تحديدًا هم أكثر القوى الناعمة التي يمكن الاعتماد عليها في تنفيذ هذا المخطَّط الهادف إلى إسقاط النظام.
كما رصدت المخابرات العامة اتصالات بين عدد من عناصر التنظيم الدولي للإخوان وبين عناصر مخابراتية أمريكية، بهدف الاتفاق حول الخطوات القادمة لأسس التنسيق بين الطرفين، وفي عام 2006 زار وفد برئاسة “ريتشارد ميرفي” مساعد وزير الخارجية الأمريكية مقرَّ الإخوان في مصر، والتقى عددًا من أعضاء الجماعة، بهدف معرفة رؤية الإخوان حول القضايا المطروحة، وبدأ المخطط الأمريكي تظهر ملامحه وتتكشَّف عندما أخبر أحد أعضاء جماعة الإخوان -والذي كان يعمل في بلغاريا- القنصل العام للسفارة المصرية في بلغاريا، أن عناصر المخابرات الأمريكية يحاولون تجنيد عناصر من الإخوان المسلمين، وقد حاولوا تجنيده، وعلمت المخابرات المصرية أن هدف المخابرات الأمريكية هو التجسُّس على جماعة الإخوان بهدف معرفة حقيقة مواقفها السياسية، وأدركت أمريكا أن الإخوان يريدون السلطة ومستعدُّون لتنفيذ المطالب الأمريكية.
الفكرة من كتاب الصندوق الأسود.. عمر سليمان
يكشف الكتاب عن مجموعة من الأحداث والمؤامرات التي جرت خلال العقدين الأخيرين، والأوضاع المتردِّية التي أدَّت إلى قيام ثورة يناير، ويبيِّن دور اللواء عمر سليمان بوصفه رئيسًا للمخابرات العامة المصرية، ثم بوصفه نائبًًا لرئيس الجمهورية إبَّان ثورة يناير، وسبب وفاته الغامض، وذلك من خلال لقاء أسرة اللواء عمر سليمان والأطباء المشرفين على صحَّته.
مؤلف كتاب الصندوق الأسود.. عمر سليمان
محمد مصطفى بكري: هو كاتب صحفي، وسياسي، وإعلامي، وعضو حالي بمجلس النواب دورة 2016، كما أنه يشغل منصب رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير جريدة الأسبوع، ويقدم حاليًّا برنامج “حقائق وأسرار” على قناة صدى البلد، وله عدَّة مؤلفات منها:
الإرهاب الصهيوني.
معركة 1956.
كلمات في الزمن الصعب.
فضفضة.
العراق: المؤامرة – الخيانة – الاحتلال.
لحظات فاصلة.. غزة – أريحا.
الأوراق السرية.
مخاطر السوق الشرق أوسطية.
الفوضى الخلاقة أم الفوضى المدمرة.