علي مبارك.. من برنبال إلى فرنسا!
علي مبارك.. من برنبال إلى فرنسا!
في قرية صغيرة بمحافظة الدقهلية في كنف عائلة المشايخ العريقة نشأ علي مبارك، وكان أبوه خطيب القرية ومأذونها وإمامها الديني؛ فكان لا بد أن يدرس علي في كتَّاب القرية ليرث الإمامة عن أبيه، لكن جسم علي أضعف من أن يتحمل عصا الشيخ أبي عسر الغليظة، وأسرته أفقر من الوفاء بضرائب الحاكم الذي لا يشبع؛ فارتحلوا عن ديارهم فرارًا ونزلوا على بدو السَّماعنة، وهناك جرَّب عصا الشيخ أبي خضر والتي لم يصبر عليها طويلًا فهرب، وتصلَّبت رأسه أمام إرادة أبيه للرجوع؛ فانتصرت إرادة الابن، وانضم ليعمل تحت أحد الذين يكتبون الخطابات ويقيسون الأراضي فكان يؤجِّره قليلًا ويجوِّعه كثيرًا ويضربه أكثر؛ فيهرب ثانيةً ويهيم على وجهه حتى يجد نفسه في السجن بسبب وشاية، لكن يسعى له سجَّان -لما علم من حسن خلقه وجودة خطة- لتوظيفه كاتبًا عند عنبر أفندي مأمور زراعة القطن بأبي كبير.
تعجَّب علي كيف لأسودٍ حبشيٍ مثل عنبر أفندي أن يصل إلى هذه المكانة، وفتَّش عن السبب فعرف أنه كان مملوكًا لسيدة أدخلته مدرسة القصر العيني وساعده ذكاؤه ومهارته، فصارت مدرسة القصر تراوده في منامه ويقظته حتى دخلها فانهارت طموحاته فلم يجد العلم المنتَظَر حتى تحوَّلت المدرسة لتعليم الطب، وانتقل إلى مدرسة الهندسة بأبو زعبل فلقي ما يرضي نهمه متغلبًا على صعوبات النحو والهندسة بعد عناء إلى أن حالفه الحظ باختياره لبعثة إلى فرنسا، ولم يكن يفهم كلمة واحدة في الفرنسية والعلوم كلها تُدرَّس بالفرنسية، فاستعان بكتب الأطفال لتعليم اللغة وأعانه عليها بعض زملائه حتى تمكَّن بعد ثلاثة أشهر أن يتابع دروسه، وظل خمس سنوات في فرنسا يعاين الحياة الاجتماعية والثقافية ونظام التعليم والمدارس، وعاد إلى مصر في عهد عباس الأول الذي بلغ انكماش التعليم فيه غايته.
الفكرة من كتاب من زعماء الإصلاح
هذا عرض سريع لحياة أربعة من الرجال المجددين، كان لجهودهم صدًى واسع وأثر عميق في نقل مجتمعهم نقلات جذرية، فمن تصفية العقيدة ودحض البدعة بفضل محمد بن عبد الوهاب، إلى نهضة تعليمية كبيرة على يد علي مبارك، إلى خطيب الثورة العرابية ومجدد الأدب عبد الله النديم، ثم تنبيه من الكواكبي عن طبائع المستبدين وأحوال البلاد والعباد.
مؤلف كتاب من زعماء الإصلاح
أحمد أمين: وُلد في حي المنشية بالقاهرة عام ١٨٨٦، وتُوفي عام ١٩٠٤، وتدرَّج في التعليم من الكتَّاب إلى الأزهر إلى مدرسة القضاء الشرعي، وعُيِّن لنبوغه مدرسًا بها في سن مبكرة ثم عمل قاضيًا في عدة محاكم شرعية، ثم اختاره طه حسين للتدريس في كلية الآداب وحصل منها على شهادة دكتوراه فخرية، وكان ميَّالًا إلى الإضافة والتجديد ويرفض الجمود والتصلب.
من مؤلفاته:
– سلسلة موسوعة التاريخ الإسلامي.
– سلسلة فيض الخاطر.