على حافَة نهاية الحضارة
على حافَة نهاية الحضارة
فلنوضح أمرًا بسيطًا، نحن نعيش في عالم تعتمد دوله على سياسة التدمير المتبادل الجاهز لضبط السلوك، فأي دولة ستهاجم أخرى –والحديث هنا عن دول كبرى بالطبع- ستقابل بالمثل وستنتهي النتيجة بأن كلتيهما مدمرتان، فالحروب الرقمية والنووية لا يريد أحد أن يخوضها لأنها لا تُخرِج أحدًا فائزًا، كلا الجانبين يخسر، والسبيل الوحيد أمام الدول لتهدئة الساحة العالمية يكون عبر مزيد من التعاون المشترك لضبط برامج التطوير النووية والرقمية، بجانب زيادة تحصين المنشآت النووية والبنية التحتية من الهجمات الرقمية، وتعزيز مبدأ الفوز أو الخسارة للجميع عملًا باستراتيجية الخوف المشترك.
ومن جانبنا فعلينا التصالح مع احتمالية تدمير الحضارة الإنسانية عن بكرتها بسبب انهيار الأنظمة الرقمية التي تتحكم في كل مظاهر الحياة، وفي الوقت نفسه تخرج من الصدام مع المواطنين المعارضين للسياسات الرقمية بمكاسب هائلة، كيف لا وهي تثبت كفاءتها العملية يومًا بعد آخر أمام التحديات العالمية الكبرى وآخرها وباء كورونا، الذي تعاملت معه التطبيقات الرقمية الذكية بحزم شديد، ووفرت قاعدة بيانات كبيرة لصناع القرار والمواطنين تحتوي على معلومات تفصيلية مسحية مستحدثة عن الحالات وأماكنها ومستوى الخطورة، مما سهل لبعض الدول تعاملها مع الوباء بشكل أفضل من منافسيها.
ورغم كون الوباء حالة مؤقتة، تقبل الأفراد كل السياسات المفروضة عليهم بصدر رحب لأنهم خائفون، وكلما زاد ذلك الخوف دفعهم إلى تقديم مزيد من التنازل عن حريتهم وخصوصيتهم، وأقصى ما أمكنهم التعبير عنه هو تخوفهم من تكرار أو زيادة تلك الممارسات أو التمهيد لجعلها مستدامة في الأحوال الطبيعية.
الفكرة من كتاب العبودية مقابل الأمن – تكنولوجيات السيطرة على البشر
كَتَبَ المؤرخ جون بانْڤِيل “لا يمكن أبدًا إعاقة أي رجل عن التفكير في أي شيء يختاره ما دام يخفيه”، فهل يمكننا المحافظة على سرية ما بعقولنا في العصر الرقمي؟ وهل نستطيع من الأساس أن نتوقف عن التحدث عن أنفسنا على منصات التواصل الاجتماعي؟
تشكّل التكنولوجيا الرقمية جزءًا مهمًّا من حياتنا اليومية، فهي تساعدنا على التواصل والحصول على المعلومات بشكل أسرع وأسهل، ويناقش أغلب الخبراء أضرار التكنولوجيا الرقمية للإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي من الجانب السلوكي للأفراد، ولكن يوجد جانب أخطر بكثير من إدمان الإنترنت، وهو السقوط في العبودية والتخلي طوعًا عن الحرية. كيف يحدث ذلك؟ ولماذا؟ وكيف تقود التكنولوجيا الرقمية العالم إلى حافَة الانهيار؟ سنغوص في أعماق الجانب المظلم للتكنولوجيا لنعرف الإجابات.
مؤلف كتاب العبودية مقابل الأمن – تكنولوجيات السيطرة على البشر
ندى الربيعي: ولدت في العراق عام 1979م، وحصلت على بكالوريوس البحوث العملية عام 2003م من الجامعة الملكية الهولندية بلايدن، بالإضافة إلى ماجستير في الصيدلة عام 2008م بأوترخت في هولندا، لها باع طويل في مجال الأعمال فحصلت على جائزة سيدة أعمال هولندا لعام 2015م، واختيرت في العام التالي من ضمن أفضل مئة شخصية مؤثرة في هولندا، بجانب حصولها على الترخيص الأسود الدولي في إدارة الأعمال والمشاريع عام 2019م، ولها عدة مقالات سياسية في الشأن العام للعراق وهولندا بجانب إدارتها لعديد من الصيدليات في مناطق مختلفة بهولندا، ولا يؤثر ذلك في انخراطها في الأنشطة التطوعية المساعدة للاجئين.
عباس الزبيدي: مهندس ولد ببغداد عام 1979م، حصل على بكالوريوس الهندسة الطبية عام 2001م ثم الماجستير عام 2004م من جامعة النهرين، ثم عمل مدرسًا بكلية هندسة الخوارزمي بجامعة بغداد بجانب عمله اختصاصيًّا للرنين المغناطيسي والطب النووي، وحصل على منحة DAAD الألمانية لدراسة الدكتوراه في تخصص هندسة المعلومات الطبية من جامعة آخن التقنية