علم الخطابة وفنها
![](https://a5dr-wp.fra1.cdn.digitaloceanspaces.com/bookidea/jvCurkfy-70-1.jpg)
علم الخطابة وفنها
يمكننا تعريف الخطابة على أنها صناعة علمية لها أصولها ومبادئها الخاصة، تتمثَّل في إلقاء الكلام على الغير، أو مجموعة من الأفراد بهدف التأثير فيهم وإقناعهم بتصديق ما يقال لهم، وهي أحد أغراض علم المنطق بجانب صناعة الشعر والمغالطة وصناعة البرهان والجدل، ويسمَّى الكلام المنثور المسجوع الذي يقوله الخطيب بالخطبة، وتتعدَّد أنواع الخطبة باختلاف أغراضها، فمن الممكن أن تكون دينية تهدف إلى الوعظ، أو سياسية أو عامة أو حتى تاريخية.
![](https://sp-ao.shortpixel.ai/client/to_auto,q_glossy,ret_img/http://a5dr.com/bookidea/wp-content/uploads/2021/02/old-min-1.jpg)
من جهة التتبُّع التاريخي فإن الخطابة ظهرت منذ قديم الزمان حتى قبل ظهور الشعر، فقد اهتمَّ اليونانيون خصوصًا أرسطو بذلك الفن بسبب سيطرة الجدل السياسي والتفاخر في الحضارة الإغريقية فألَّف فيه وأبدع، ثم تطوَّرت في ظل الإسلام الذي قام بتشذيب التفاخر بالأنساب والجدل العقيم، وأضيفت إليها أغراض جديدة كالتبليغ والوعظ التربوي لتستخدم في الدعوة إلى دين الله، واحتلَّت الخطبة مكانة مهمة في الإسلام، وأصبح لها وقتها المخصَّص ومنزلتها الكبيرة في العبادة مثل قبل صلاة الجمعة وصلاة العيدين، وفي عصرنا الحديث زاد الإعلام من دور وأهمية الخطابة، ولكنه غير من طبيعتها في شكل التواصل فأصبح الجمهور لا يشاهد الخطيب في الواقع، بل على الشاشة.
ويمكن لمس بعض فوائد الخطابة من ناحية تأثيرها في الأفراد، إذ تستخدم في التوعية والتثقيف، إضافةً إلى تقرير المصالح وزيادة التواصل، وصولًا إلى التوجيه ناحية هدف ما أو معالجة مشكلة عامة.
وتنقسم الخطابة إلى جزأين؛ الجزء الأول هو العمود الذي يتضمَّن المادة الرئيسة للموضوع أو الحجج الإقناعية، والجزء الثاني هو الأعوان وهي الأفعال والأقوال المؤثرة التي يسوِّقها الخطيب لدعم موقفه وحجته، وتتكوَّن من ثلاثة أركان أساسية لا غنى عنها: الخطيب والخطاب والمخاطب.
الفكرة من كتاب رسالة في فن الإلقاء والحوار والمناظرة
نعيش في عالم تحكمه الكلمة، ورغم تأثير الإعلام الذي يضع الصورة فوق كل وسيلة فإنها تظل حبيسة الكلمة، فإنها إما أن تلحق أو تسبق بكلمة تصبغها باللون المراد لمتحدِّثها، وتعدُّ الخطابة من أهم العلوم التي توظِّف الكلمة وتهتم برفعة قدرها وشأنها.
وهناك أناس بالفطرة يتمتَّعون بموهبة الخطابة وإقناع الناس، ولكن وكأي علم فإن له مبادئ من الممكن تعلُّمها والتحوُّل إلى خطيب مفوَّه قادر على إحداث التأثير في مستمعيه، ثم نعرِّج لنتعلَّم بعض مبادئ وأشكال الحوار الصحيح وطرقه المنهجية، والذي قد يتطوَّر تحت ظروف معينة ليتخذ شكل المناظرة التي سنتعرَّف عليها أيضًا بإيجاز، ونعرف كيف يمكن أن نؤثر في الناس؟ وما الأزمة وكيفية التعامل معها؟
مؤلف كتاب رسالة في فن الإلقاء والحوار والمناظرة
الشيخ علي الفتلاوي: مؤلف له عدد من الكُتب في مجالات مختلفة، مثل: “المرأة في حياة الإمام الحسين”، و”قواعد حياتية على ضوء روايات أهل البيت”.