علمانية نضالية في مواجهة الإسلام

علمانية نضالية في مواجهة الإسلام
إبان وضع قانون 1905 في فرنسا الذي يفصل الدولة عن الدين، كان هناك بعض السياسيين الذين تحفظوا عليه، لأن هذا الفصل بين الدولة والدين يحرم الدولة من الرقابة الدينية، من هؤلاء السياسيين “مصطفى كمال أتاتورك”، حيث كانت علمانيته التي قام بتطبيقها في تركيا؛ علمانية نضالية جدًّا، كما أنها معادية للدين على نحو مفضوح، ولولا أهمية الإسلام في تركيا لما اتخذ مصطفى كمال أتاتورك الكثير من الحذر فيما كان يقوم به، فلم يقم مصطفى كمال أتاتورك بفصل الدين عن الدولة وحسب، بل قام بإخضاع الشأن الديني لمراقبة الدولة، فالأئمة كانوا يتبعون إدارة الشؤون الدينية التي تدفع لهم أجورهم، وتكتب لهم الخُطب والعِظات.

كما نرى في فرنسا مبالغات تصدر من رؤساء المؤسسات التعليمية كرد الأمهات المحجبات، ومنع وجود اللحم الحلال في المطاعم المدرسية، وكل ذلك في إطار من القانون والعلمانية، لكن الذي يُعد خروجًا عن العلمانية أنهم يريدون من الأولاد المسلمين أن يأكلوا من اللحم غير الحلال، مما يُعد مقاومة وخروجًا على القانون، مما يُظهر أن الدين هو المشكلة في نظر الكثير من المناضلين العلمانيين.
ويرى أوليفييه أن تلك العلمانية المناضلة حين كانت على شفا الانقراض، إذ بها قد استجمعت قوَّتها في الثمانينيات لتنهض مجددًا في مواجهة عدوها الجديد “الإسلام”، حيثُ يُنظر إلى الإسلام على أنه عامل كامن لإحداث تغيير عميق في المجتمع الفرنسي، ومن هنا تواجه فرنسا “أزمة هويَّة”.
الفكرة من كتاب الإسلام والعلمانية
إن المشكلة في فرنسا ليست في الإسلام ذاته، بل في إشكال عودة الدين الإسلامي المُعاصر المُغرَّب، حيث كان مُسلمو السبعينيات صامتين، ومع بداية التسعينيات شرَعَ المسلمون في الكلام بصفتهم مسلمين، ومن هنا أصبح يُنظر إلى الإسلام كونه عاملًا كامنًا قادرًا على إحداث تغيير جذري في المجتمع الفرنسي، لذلك تريد فرنسا إسلامًا علمانيًّا، ومسلمين علمانيين، أي إسلامًا على الطريقة الفرنسية، فحين تنظر فرنسا في مرآة الإسلام ترى أنها تعيش أزمة هويَّة.
مؤلف كتاب الإسلام والعلمانية
أوليفييه روا Olivier Roy: كاتب وباحث فرنسي، متخصص في الشؤون الإسلامية.
صدر له عدد من الكتب، منها:
الجهل المقدس.
عولمة الإسلام.
تجربة الإسلام السياسي.