علماء الأزهر حُرَّاس العقيدة في مصر
علماء الأزهر حُرَّاس العقيدة في مصر
ظل علماء الأزهر طوال التاريخ يتمتَّعون بمكانة كبيرة بوصفهم النخبة الثقافية للبلاد، وهمزة الوصل بين الحكَّام والرعيَّة، وهي مكانة لم يكن ينازعهم فيها أحد، وفي أثناء الاحتلال الفرنسي لمصر شكَّل الأزهر مركز المعارضة للاحتلال، وهذه المنزلة الأخلاقية العالية لعلماء الأزهر، وتأثيرهم في المجتمع تعود في المقام الأول إلى أن الأزهر ظلَّ مؤسسة مستقلَّة، وقد بلغ أوج قوته في عام 1805 عندما ساعد العلماء “محمد علي” على اعتلاء عرش مصر، إلا أن هذه القوة لم تكن سوى شهر عسل، إذ قام محمد علي بتقويض قوة الأزهر الاقتصادية عن طريق إلغاء نظام الالتزام، ومصادرة الأوقاف، كما قام أيضًا بتقويض مكانتهم الاجتماعية من خلال إرسال البعثات إلى الخارج لتحصيل العلم، ولم يحِد الحكام الذين جاؤوا بعد محمد علي عن هذه السياسة التي أطاحت بالهياكل الاجتماعية السائدة، وبخاصةٍ ما تعلَّق بالطبقة التقليدية للعلماء المسلمين.
تضرَّر الأزهر مما حدث، إذ هبطت مكانة العلماء هبوطًا حادًّا ومؤلمًا في المجالين اللذين كانا حكرًا على الأزهر (القضاء والتعليم)، إذ أُدخِلت المحاكم المختلطة، ثم من بعدها المحاكم الأهلية، وكلاهما يعملان بالقانون الوضعي الفرنسي، ثم إنشاء مدرسة القضاء الشرعي، ما قلَّص فُرص خريجي الأزهر في الحصول على وظيفة مناسبة، أما التعليم فأنشئت كلية “دار العلوم” كجزء من نظام التعليم العلماني الجديد لتأهيل معلمي المدارس الابتدائية والبكالوريا، ومن بعدها الجامعة الأهلية (جامعة القاهرة)، فتم تهديد الجامعة العريقة بأسرها وتهميشها على المدى الطويل، وأصبح كثير من المفكرين الجدد نتاج المؤسسات التعليمية الجديدة، وكانت النتيجة تعدُّد روافد السلطة الدينية التي تركت بصمتها حول الإصلاح الإسلامي والمساهمين فيه إلى اليوم.
خلال فترة الملَكية اضطر الأزهر بفعل الصراع بين المَلك والبرلمان أن ينحاز إلى أحد الطرفين دون الآخر، محاولًا الحفاظ على استقلاليته، إلا أن التحوُّل الكبير في تاريخ الأزهر كان بعد وفاة شيخ الأزهر “أبو الفضل الجيزاوي”، لأن هذا الحدث كان إيذانًا ببداية تسييس الأزهر، إذ بدأت الإصلاحات والتغييرات على يد الشيخ “المراغي”، ومن بعده “الظواهري” اللذين كانا يريان في أنفسهما سياسيين إلى جانب كونهما علماء، ولكنها لم تكن إصلاحات جذرية لأن التغيير الجذري الحقيقي كان عام 1961، إذ تحوَّل الأزهر إلى مؤسسة مؤمَّمة علمية، مهمتها إضفاء الشرعية على الدولة القومية، فتم بذلك تسييس الأزهر، وتغيير شخصية الجامعة العريقة إلى الأبد!
الفكرة من كتاب حرَّاس العقيدة.. العلماء في العصر الحديث
يعرض الكتاب دور العلماء ومكانتهم في فترة ما قبل الحداثة في التاريخ الإسلامي، واصطدامهم بتحدِّيات الحداثة في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، وتعامل العلماء مع التداعيات الفكرية والفقهية والاجتماعية والسياسية، ويبيِّن الكاتب أن العلماء كان لهم دور حيوي ومحوري، كما كان لهم حضور ذو تأثير كبير في مناحي الحياة الفكرية والسياسية والسجالات الفكرية، وإسهام كبير في الخطاب العام، ومن ثمَّ لم يكن دورهم هامشيًّا مثلما ذهبت كثير من الدراسات بأن دورهم كان محصورًا في المسجد والمعهد الديني.
مؤلف كتاب حرَّاس العقيدة.. العلماء في العصر الحديث
مير هاتينا: هو محاضر بقسم الدراسات الإسلامية والشرق الأوسطية بالجامعة العبرية بالقدس، صدر له عدَّة كتب، وهي:
الإسلام والخلاص في فلسطين.
سياسة الهوية في الشرق الأوسط: الفكر الليبرالي والتحدِّي الإسلامي في مصر.
العلماء والسياسة والفضاء العام في الشرق: من منظور مصري.
معلومات عن المترجم:
الدكتور محمود عبد الحليم: حاصل على بكالوريوس اللغة الإنجليزية من كلية الألسن جامعة عين شمس، ودبلوم الترجمة التحريرية من كلية الآداب جامعة القاهرة، وحصل على درجة الماجستير في الترجمة الفورية والتحريرية من جامعة عين شمس، ونال درجة الدكتوراه في اللغويات من كلية الألسن جامعة عين شمس، بدأ مشواره المهني في الترجمة مبكرًا بالاشتراك في ترجمة رواية “1984” لجورج أورويل، وصدر له العديد من الكتب بين تأليف وترجمة، ومنها:
المسلمون قادمون.
موسوعة الكتاب العالمي.
مستقبل التعليم العالمي.