علاقة المؤامرة بجنون الارتياب
علاقة المؤامرة بجنون الارتياب
إن الصورة النمطية السائدة عن أصحاب نظريات المؤامرة، أنهم مجموعة من المهمَّشين، يعانون جنون الارتياب إلى حدٍّ ميئوس منه، ومن ثمَّ فإن نظريات المؤامرة هي مظهر من مظاهر جنون الارتياب (البارانويا)، لكن في الحقيقة هي صورة معيبة بقدر ما هي كاشفة، إذ إن استطلاعات الرأي تبيِّن أن الأسلوب البارانوي لا يقتصر على حفنة صغيرة من الناس الذين يشعرون بالاغتراب في مجتمعاتهم، فقد رُصِدت أعدادٌ ضخمة من الناس الذين يُصدِّقون نظريات المؤامرة، وبالتالي فإن جنون الارتياب المتعلِّق بنظريات المؤامرة ليس المقصود به عدم قدرة الشخص على التصرُّف أو التحرُّك بسبب خوفه من شخصٍ ما يترقَّبه، بل هو عبارة عن طريقة مشوَّهة لرؤية العالم، تتَّسم بالتفكير الوهمي، والارتياب المفرط، والبحث الرديء، والمبالغة في التصوير، والقفزات التخيُّلية غير المبرَّرة، والسمة الرئيسة لكل ما سبق (الوهم المؤامراتي)، لذلك فإن الشخص الذي يعاني البارانويا يرى مؤامرات في كل مكان، ففي إحدى الدراسات وجد الباحثون أنه كلما قلَّت ثقة الناس فيمن حولهم، زاد ميلهم نحو الاقتناع بنظريات المؤامرة، كما أن تراجع شعور الناس بالرضا عن حياتهم بوجه عام، وتراجع شعورهم بأنهم مسيطرون على ظروفهم الخاصة، يزيد من احتمالية تقبُّلهم لنظريات المؤامرة.
ربما وجدتَ نفسك وحيدًا بالمنزل ليلًا وانتابك شعور سخيف، بأن ثمَّة شيئًا ما يترصَّد لك في الظلام، إذا حدث لك ذلك، فقد انتابك جنون الارتياب، لكن لست وحدك، فكل الناس تقريبًا لديهم أفكار بارانوية، ومن ثمَّ فإن نزعة بارانويا نسبية وطفيفة يمكن أن تؤدِّي إلى الانخراط في نظريات المؤامرة، فإذا كنا نُشكِّك في المسؤولين ولا نثق بهم، فالأرجح أننا نُشكِّك في تفسيراتهم وخطاباتهم الرسمية، وإذا كان هناك شعور بأن هناك تهديدًا يهدِّد سيطرتنا، فإننا نُصبح أشدَّ مبالغة في الحِرص، وبالتالي ندقِّق في سلوك الناس بعناية تفوق المعتاد، ونطيل التفكير في الدوافع المحتملة وراء سلوكهم هذا، باحثين عن مفاتيح ودلائل تُساعدنا على استعادة نظام الفهم، وبجمع المعلومات الغامضة والركون إليها، تزداد احتمالية قراءتنا لنوايا خبيثة خفية في أحداث عادية، ظانين احتواءها على تهديد، وبناءً على ذلك يجب التفريق بين الارتياب غير الحصيف وغير المبرَّر، الذي يجعلنا نفقد الثقة، وبين الارتياب الحصيف المبرَّر، الذي يُعدُّ كالإنذار المبكِّر للعقل، لتفادي الأخطار.
الفكرة من كتاب عقول متشكِّكة.. لماذا نُصدِّق نظريَّات المؤامرة!
يرى عدد من الناس أن هناك مؤامرة خلف كل شيء يحدث من حولهم، إذ تسيطر نظريات المؤامرة على عقولهم، وطريقة تفكيرهم، والذين ينسجون نظريات المؤامرة ليسوا فئة واحدة، بل تتدرَّج مرتباتهم، وتجدهم في كل مكان، فمنهم أساتذة وجامعيون، وحاصلون على جائزة نوبل، ورؤساء دول! إن أعدادهم أكثر مما تتوقَّع، وعلى الأرجح أنك تعرف البعض منهم، بل لعلَّك من بينهم! ومن هنا يبحث المؤلف في التفكير الذي يقف وراء نظرية المؤامرة، ويكشف عن الكيفية التي نقرِّر بها أن شيئًا ما معقول وآخر عبثي، ولماذا يُصدِّق بعض الناس أشياء يرى سواهم أنها غير معقولة وغير قابلة للتصديق، مُستعينين في ذلك بعلم النفس.
مؤلف كتاب عقول متشكِّكة.. لماذا نُصدِّق نظريَّات المؤامرة!
روب براذرتون : هو عالم نفس أكاديمي، وكاتب علمي، حصل على درجة الدكتوراه في علم نفس نظريات المؤامرة، كما قام بتدريس محاضرات عن الأسباب التي تدفع الناس إلى تصديق الأشياء الغريبة، كما أنه عضو في وحدة أبحاث علم نفس الخوارق بكلية “جولد سميث” بجامعة لندن، ولديه موقع خاص يكتب فيه عن نظريات المؤامرة، وهو موقع Conspiracypsychology.com.
معلومات عن المترجم:
هاني فتحي سليمان: مترجم، حصل على بكالوريوس التربية قسم اللغة الإنجليزية، عمل في مؤسسة هنداوي في وظيفة مراجع ترجمة، ويعمل حاليًّا في وظيفة مراجع أوَّل، ترجم وراجع العديد من الكتب بلغت 60 كتابًا إلى اللغة العربية، من كتبه المترجمة:
شركة المستقبل.
الكواكب.. مقدمة قصيرة جدًّا.
ماجستير في إدارة الأعمال في يوم واحد.
يمكنك أن تتواصل.
آراء فينر في القيادة.
الثروة التلقائية.