علاقة العلم بالأخلاق والدين
علاقة العلم بالأخلاق والدين
عندما تحدَّث أرسطو عن السعادة الإنسانية الراقية لا الشهوة البهيمية، قال إنَّ أعظمها هي السعادة الناشئة عن الحياة العقلية، وتليها الفضائل الأخلاقية، ورأس الفضائل ومنبعها هي الحكمة، وفسَّر وجهة نظره بأن طالب العلم هو باحث عن الحق ومُحب له، ويتطلَّب ذلك منه زُهدًا عن الشواغل الأخرى، وعدلًا في الحُكم، وشجاعة في البحث والاستقراء، والشجاعة تُفضي إلى المروءة والكرم وحب الخير، والقدرة على الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر.
بهذا الربط بين العلم والأخلاق التي منبعها الدين، استطاع الكاتب إبطال الأوهام الشائعة عند الغربيين أن سبب الظلام الذي ساد أوروبا في العصور الوسطى هو الدين، والحقيقة أن الدين من ذلك بريء، لأن السبب الحقيقي هو تسلُّط رجال الكنيسة واستغلال مناصبهم الدينية لمنع حرية الفكر، كما حدث مع جاليليو الذي افترض دوران الأرض حول الشمس.
أمَّا العرب فقد كانوا في أوج حضارتهم آنذاك، فكانت أوروبا تنهل من علوم العرب، فترجموا مؤلفات الغزالي وجابر ابن حيان والفارابي والخوارزمي وغيرهم، ونحن نهلنا من علوم الهند والفرس، فالعلم إذن ليس بضاعة أوروبية، وصنعة بلد واحد، إنما هو مشاع بين الأمم ونهر جارٍ ينهل منه الجميع بالتبادل، ونعود لنقول بالعلاقة بين العلم والدين، فالعلم يسقينا الحقائق والنظريات العلمية، والدين يهدينا بتعاليمه للقيم الروحية التي هي أساس قوام البحث العلمي وتقدم الأمم، فكلاهما وجهان لعملةٍ واحدة.
الفكرة من كتاب العلم والحياة
في هذا الكتاب، جمع الدكتور علي مشرفة عدَّة رسائل له خطَّ فيها ملامح العلاقة الوثيقة بين العِلم وجوانب الحياة المُختلفة، ودوره الرئيس المهم في تطوير هذه الجوانب والنهوض بها، بدلًا من اتباع الحلول الوهمية التي لا تصلح للتطبيق على أرض الواقع.
مؤلف كتاب العلم والحياة
الدكتور علي مصطفى مشرفة: عالم فيزياء نظرية مصري، حصل على دكتوراه فلسفة العلوم من جامعة لندن عام 1923، ثم كان أوَّل مصري يحصل على درجة دكتوراه العلوم بإنجلترا من جامعة لندن سنة 1924، لُقِّب بأينشتاين العرب لأن مجال بحثه ودراسته كان مُشابهًا لموضوعات أبحاث ألبرت أينشتاين، وعُيِّن أستاذًا بكلية العلوم جامعة القاهرة، ثمَّ انتخب عميدًا لها سنة 1936، تتلمذ على يده مجموعة من أشهر علماء مصر منهم: سميرة موسى، وله مؤلفات عديدة قصد فيها إبراز أهمية العلم تُخاطب المُواطن البسيط: مثل كتاب “نحن والعلم”، وكتاب “العلم والحياة”، وله مؤلفات أخرى في مجالات الفيزياء والرياضيات مثل: كتاب “النظرية النسبية الخاصة”، وكتاب “الهندسة وحساب المثلثات”.