علاقة الدماغ بالأمعاء
علاقة الدماغ بالأمعاء
من صور تفاعلنا مع الطعام رؤيته، فعندما يصل الضوء إلى الجزء الخلفي من العين، ينتقل على طول الأعصاب البصرية إلى الدماغ، فيعالج الدماغ هذه المعلومات ونرى صورة الأشياء بشكل طبيعي، وتشارك العين أعصاب الأنف التي بواسطتها نستنشق رائحة الطعام، ثم تنتقل ردة الفعل إلى الفم بتحفيز الغدد اللُّعابية على النشاط وإفراز اللُّعاب الذي يُساعد على مضغ الطعام وهضمه، ثم تتجمع الفضلات بعد الهضم داخل القولون فتُرسل خلايا عضلات الشرج رسائل إلى الجهاز العصبي، فتستجيب بالحاجة إلى الذهاب إلى المرحاض.
لكن جهازنا الهضمي يؤدي وظائف عديدة تتعدى تناول الوجبة وهضمها، فالأمعاء تحتوي على خلايا عصبية تستطيع من خلالها التأثير في مزاجنا، والمعالجة أو الإصابة باضطرابات تؤثر في الصحة النفسية والبدنية، إذ إن الأمعاء تُرسل إشارات إلى المخ في مناطق معينة لها علاقة بالألم والمشاعر والذاكرة وغيرها، فنحن نحب شعور الشبع، ونبغض شعور الجوع، وتتأثر يقظتنا بشرب الكحول، فعندما نشعر بالتوتر أو الاكتئاب يقترض الدماغ الطاقة من الأمعاء فتستجيب بتقديم بعض من طاقة الهضم، وحينها نُصاب بالإسهال أو الإمساك أو فقدان الشهية، الإمساك مثلًا يحدث عادة نتيجة تغير عادات الأمعاء،كتغير مواعيد الدخول إلى الحمام، أو نتيجة السفر وتغيير الروتين اليومي، أو قد يحدث الإمساك بسبب المرض النفسي والجسدي، وهنا يحدث انقطاع مؤقت أو مزمن بين الأعصاب وعضلات الأمعاء، فيظل البراز في الأمعاء مدة أطول، ويُمتص منه الماء فيصبح أقسى عند خروجه.
وقد تؤدي زيادة الضغط العصبي إلى الإصابة بالارتجاع، وفيه تتحكم أعصاب الدماغ في العضلة العاصرة بين المَريء والمَعِدة، فيحدث لها ارتخاء يسبب رجوع حمض المعدة ومحتوياتها إلى المَريء ثم إلى الحلق، ثم إلى خارج الجسم.
ومن بين العوامل التي تربط الأمعاء بحالتنا المزاجية، أن الأمعاء تنتج هرمون “السيروتونين” Serotonin (هرمون السعادة)، الذي يؤثر في وظائف الجسم المختلفة، بما في ذلك حركة الأمعاء، فمع استمرار الضغط والتوتر تتراجع مستويات “السيروتونين” وذلك يؤثر في الحالة النفسية فنُصاب بأمراض مزمنة، وهذا يعني استمرار أثر المشاعر السلبية في أجسادنا رغم انتهاء المشكلة نفسها، لذلك يرى الأطباء أن مرض القولون العصبي مرض نفسي أكثر منه عضوي، وأن مريض الاكتئاب قد تكون مشكلته في أمعائه لا في رأسه.
الفكرة من كتاب الأمعاء: كنزك في بطنك
إن الأمعاء عالم في حد ذاته لا يقل عن الدماغ والقلب في الإبهار، إذ إن الأمعاء تُعتبر في المركز الثاني عصبيًّا بعد الدماغ، وتتدخل بدور أساسي في صحتنا النفسية والعقلية، فهي شديدة الأهمية لتكويننا، والحفاظ عليها يبقينا بصحة وعافية.
يأخذنا الكتاب في جولة داخل أمعائنا لنرى ما الذي يحدث داخلنا، وكيف يعمل كل جزء من أجسامنا مع الآخر، وأين يذهب الطعام والشراب الذي نأكله، وكيف يُهضَم، وكيف يمكننا الحصول على هضمٍ صحي.
مؤلف كتاب الأمعاء: كنزك في بطنك
جوليا اندرز : هي طبيبة وكاتبة ألمانية، ولدت عام 1990م في ألمانيا، وأنهت أُطروحتها عن الجهاز الهضمي في جامعة فرانكفورت، ونالت الجائزة الأولى لـ”ليالي العلوم في برلين”، وتعمل حاليًّا على الدكتوراه في الطب في معهد علم الأحياء الدقيقة في فرانكفورت.
معلومات عن المترجم:
ابتسام بن خضراء: مترجمة مغربية من أصل فلسطيني، درست الأدب الإنجليزي في جامعة دمشق عام 1983، وتخصصت في الترجمة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 1996م، ثم حصلت على الدكتوراه عام 2000.