علاقة الأمة بالدين
علاقة الأمة بالدين
تُعدُّ العلاقة بين الأمة والدين أمرًا معقدًا تاريخيًّا وفكريًّا، وقد شكَّل الدين دورًا أساسيًّا في تشكيل الأمم واستمرارها، وتمثِّل عبادة إله واحد بشكل أساسي من قبل مجتمع معيَّن تطورًا مهمًّا في وجود أمة من الأمم، حيث تكون عبادة الإله بإقليم معين من قبل الشعب الذي يسكن به بمثابة توافق بين الدين والأمة، حيث تُعد عبادة إله محدد بصفته إلهًا للبلاد بمثابة موحِّد ثقافي نسبيًّا.
ويميل الإنسان إلى صياغة الهدف من الحياة من خلال الدين، ومن ثم علاقة مجتمعه بسائر المجتمعات وموقع الإنسان ومجتمعه من النظام المتصور للكون، وتتعقَّد العلاقة بين الأمة والدين عندما يكون الدين توحيديًّا؛ حيث يؤكد الإيمان بإله واحد وحدة الإنسانية، لا تمايز الأمة ككيان مستقل، وجوهر الديانات التوحيدية يسمو فوق مستوى الدنيا لتعلُّقه بقوة غيبية، وهذا يعبر عن الاستمرارية الزمنية المؤكدة بين الحاضر والماضي، وتعبر عنها أيضًا القرابة الممتدة إقليميًّا، مما يعني تجاوز الخبرة الجسدية العادية لأي إنسان، لذا يُعد المجتمع الإقليمي للأمة أمرًا دنيويًّا.
على الجانب الآخر من الديانات التوحيدية، نجد الوثنية التي تقر بآلهة متعددة لكل من الأسلاف والإقليم، حيث تكون هذه الآلهة ذات اختصاصات محددة إقليميًّا، وقد تتكوَّن بعض الأفكار الوثنية داخل الأمة التوحيدية؛ ففي القرن العشرين من التاريخ الأوروبي، نشبت حرب بين أمة مسيحية وأمة مسيحية أخرى حيث يمتلك كل منهما قدِّيسين قوميين، ويُعد ذلك علاقة قرابة إقليمية تخص الأمة، ومما سبق يتبيَّن وجود نمطين مختلفين للعلاقة بين الدين والأمة، فالعلاقة بين الأديان التوحيدية والأمة متوترة بسبب الانتماء إلى مفهوم الإله المجاوز للعنصر الجغرافي، وتقل حدة التوتر هذه حينما يكون الإله آلهة متعددة كما هو الحال في الديانات القديمة.
ويُعد كل من الإسلام واليهودية والمسيحية أمثلة على الديانات التوحيدية؛ حيث تشترك كلها في التمييز بين عالم الدنيا والآخرة، ويختلف المجتمع المسلم عن المسيحي في التزامه بتحويل الحياة الدنيا وفق التصور الكلي للعالم الآخر، والفارق بين الإسلام واليهودية هو أن اليهود يشكِّلون أمة مقدسة ذات ارتباطات إقليمية واضحة، بينما الإسلام ينظر إلى المجتمع الإسلامي باسم الأمة الإسلامية على المستوى العالمي مع المعارضة الشديدة بفكرة الارتباط الإقليمي.
الفكرة من كتاب القومية.. مقدمة قصيرة جدًّا
يعدُّ فهم فكرة القومية أمرًا محوريًّا من أجل فهم العديد من الصراعات الاجتماعية والنزاعات السياسية التي تسيطر على عالمنا اليوم.
يستعرض المؤلف عبر كتابه هذا مفهوم الأمة وعلاقتها بالدين والتاريخ، مناقشًا أسباب انقسام البشر أنفسهم إلى فئات من العلاقات المحدودة بدلًا من العلاقات العالمية، ولماذا تحظى فكرة الانتماء إلى أمة ما بأهمية كبيرة لدى الشعوب؟
مؤلف كتاب القومية.. مقدمة قصيرة جدًّا
ستيفن جروزبي (Steven Grosby): أستاذ الأديان في جامعة كليمسون بولاية كارولاينا الجنوبية، من أعماله: “أفكار إنجيلية عن القومية: من الماضي والحاضر”، كما شارك في تحرير كتاب “الجنسية والقومية”.